الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن أمثلة ذلك حديث: "جعلت لنا الأرض مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا" فهذه الزيادة تفرد بها أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي، وسائر الروايات لفظها: "وجعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا" فهذا وما أشبهه يشبه القسم الأول من حيث إن ما رواه الجماعة عام، وما رواه المنفرد بالزيادة مخصوص، وفي ذلك مغايرة في الصفة ونوع من المخالفة يختلف به الحكم. ويشبه أيضا القسم الثاني من حيث إنه لا منافاة بينهما.

وأما زيادة الوصل مع الإرسال فإن بين الوصل والإرسال من المخالفة نحو ما ذكرناه، ويزداد ذلك بأن الإرسال نوع قدح في الحديث، فترجيحه وتقديمه من قبيل تقديم الجرح على التعديل. ويجاب عنه بأن الجرح قدم لما فيه من زيادة العلم، والزيادة هاهنا مع من وصل، والله أعلم.

[ ص: 498 ]

التالي السابق


[ ص: 498 ] 68 - قوله: (ومن أمثلة ذلك حديث: "جعلت لنا الأرض مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا" فهذه الزيادة تفرد بها أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي، وسائر الروايات لفظها: "جعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا" انتهى.

وإنما تفرد أبو مالك الأشجعي بذكر "تربة الأرض" في حديث حذيفة، [ ص: 499 ] كما رواه مسلم في صحيحه من رواية أبي مالك الأشجعي، عن ربعي، عن حذيفة.

وقد اعترض على المصنف بأنه يحتمل أن يريد بالتربة الأرض من حيث هي أرض لا التراب، فلا يبقى فيه زيادة ولا مخالفة لمن أطلق في سائر الروايات.

والجواب أن في بعض طرقه التصريح بالتراب كما في رواية البيهقي: "جعل ترابها لنا طهورا" ولم يتقدم من المصنف ذكر لحديث حذيفة، وإنما أطلق كون هذه اللفظة تفرد بها أبو مالك، فلذلك أحببت أن أذكر أنها وردت من رواية غيره من حديث علي، وذلك فيما رواه أحمد في [ ص: 500 ] مسنده من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن علي الأكبر أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أعطيت ما لم يعطه أحد من الأنبياء" فذكر الحديث، وفيه: "وجعل التراب لي طهورا" وهذا إسناد حسن، وقد رواه البيهقي أيضا في سننه من هذا الوجه.




الخدمات العلمية