الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          الضرب ( الثاني ) الحجر على الشخص ( لحظ نفسه ك ) الحجر ( على صغير وسفيه ومجنون ) ; لأن مصلحته عائدة إليهم ، والحجر عليهم عام في أموالهم وذممهم ( ولا يطالب ) مدين بدين لم يحل ( ولا يحجر ) عليه ( بدين لم يحل ) ; لأنه لا يلزمه أداؤه قبل حلوله ( ولغريم من ) أي مدين ، وظاهره ولو ضامنا ( أراد سفرا ) أطلقه الأكثر وقيده الموفق والشارح وجماعة بالطويل قال في الإنصاف : ولعله أولى ، وجزم به في الإقناع ( سوى ) سفر ( جهاد متعين ) لاستنفار الإمام له ونحوه فلا يمنع من السفر له .

                                                                          ( ولو ) كان السفر ( غير مخوف أو ) كان الدين ( لا يحل ) أجله ( قبل مدته ) أي السفر ( وليس بدينه ) أي الغريم الذي يريد مدينه السفر ( رهن يحرز ) الدين أي يفي به ( أو ) ليس به ( كفيل مليء ) قادر بالدين ( منعه ) مبتدأ خبره : ولغريم المتقدم ، أي لرب الدين منع مدينه من السفر ( حتى يوثقه بأحدهما ) أي برهن يحرز أو كفيل مليء لما فيه من الضرر عليه بتأخير حقه بسفره وقدومه عند محله غير متيقن ولا ظاهر وعلم منه أنه لو كان به رهن لا يحرزه أو كفيل غير مليء له منعه أيضا حتى يتوثق بالباقي وإن أراد غريم مدين وضامنه السفر معا فله منعهما ومنع أيهما شاء حتى يوثق كما سبق .

                                                                          و ( لا ) يملك رب دين ( تحليله ) أي المدين ( إن أحرم ) ولو بنفل لوجوب إتمامه قال الشيخ تقي الدين : له منع عاجز حتى يقيم كفيلا ببدنه ، أي ; لأنه قد تحصل له ميسرة ولا يتمكن من مطالبته لغيبته عن بلده فيطلبه من الكفيل ( ويجب وفاء ) دين ( حال فورا على ) مدين ( قادر بطلب ربه ) لحديث { مطل الغني ظلم } وبالطلب يتحقق المطل ( فلا يترخص من سافر قبله ) أي الوفاء بعد الطلب ; لأنه عاص بسفره ( ويمهل ) مدين ( بقدر ذلك ) أي ما يتمكن به من الوفاء بأن طولب بمسجد أو سوق ومال بداره أو حانوته أو [ ص: 157 ] بلد آخر فيمهل بقدر ما يحضره فيه ( ويحتاط ) رب دين ( إن خيف هروبه ) أي المدين ( بملازمته ) إلى وفائه ( أو ) يحتاط ( بكفيل ) مليء ( أو ترسم ) عليه جمعا بين الحقين ( وكذا لو طلب تمكينه منه ) أي من الإيفاء ( محبوس ) فيمكن منه ويحتاط إن خيف هروبه كما تقدم ( أو ) أي وكذا لو ( توكل ) إنسان ( فيه ) أي في وفاء حق وطلب الإمهال لإحضار الحق فيمكن منه كالموكل .

                                                                          ( وإن مطله ) أي مطل المدين رب الدين ( حتى شكاه ) رب الدين ( وجب على حاكم ) ثبت لديه ( أمره بوفائه بطلب غريمه ) إن علم قدرته عليه أو جهل لتعينه عليه ( ولم يحجر عليه ) لعدم الحاجة إليه ويقضي دينه بمال فيه شبهة نصا ; لأنه لا تتقى شبهة بترك واجب ( وما غرم ) رب دين ( بسببه ) أي سبب مطل مدين أحوج رب الدين إلى شكواه ( فعلى مماطل ) لتسببه في غرمه أشبه ما لو تعدى على مال لحمله أجرة وحمله لبلد أخرى وغاب ثم غرم مالكه أجرة حمله لعوده إلى محله الأول فإنه يرجع به على من تعدى بنقله ( وإن تغيب مضمون ) أطلقه الشيخ تقي الدين في موضع ، وقيده في آخر بقادر على الوفاء ( فغرم ضامن بسببه أو ) غرم ( شخص لكذب عليه عند ولي الأمر رجع ) الغارم ( به ) أي بما غرمه ( على مضمون وكاذب ) لتسببه قال في شرحه : ولعل المراد إن ضمنه بإذنه وإلا فلا فعل له في ذلك ولا تسبب .

                                                                          ( وإن أهمل شريك بناء حائط بستان ) بينه وبين آخر فأكثر . وقد ( اتفقا ) أي الشريكان ( عليه ) أي البناء وبنى شريكه ( فما تلف من ثمرته ) أي البستان ( بسبب ذلك ) الإهمال ( ضمن ) مهمل ( حصة شريكه منه ) أي التالف لحصول تلفه بسبب تفريطه .

                                                                          ( ولو أحضر مدعى ) عليه مدعى ( به ) لحمله مؤنة لتقع الدعوى على عينه ( ولم يثبت لمدع لزمه ) أي المدعي ( مؤنة إحضاره ورده ) إلى محله ; لأنه ألجأه إلى ذلك فيؤخذ من هذه المسائل الرجوع بالغرم على من تسبب فيه ظلما وإذا أبى ) مدين وفاء ما عليه بعد أمر الحاكم له يطلب ربه ( حبسه ) لحديث عمرو بن الشريد عن أبيه مرفوعا { لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته } رواه أحمد وأبو داود وغيرهما .

                                                                          قال أحمد قال وكيع عرضه شكواه وعقوبته حبسه .

                                                                          وفي المغني : إذا امتنع الموسر من قضاء الدين فلغريمه ملازمته ومطالبته والإغلاظ عليه بالقول ، فيقول : يا ظالم يا معتدي ونحوه للخبر وحديث " إن لصاحب الحق مقالا " انتهى وظاهره أنه [ ص: 158 ] يحبس حيث توجه حبسه ، ولو أجيرا خاصا أو امرأة متزوجة . ( وليس له ) أي الحاكم ( إخراجه ) أي المدين من الحبس ( حتى يتبين ) له ( أمره ) ; لأن حبسه حكم فلم يكن له رفعه بغير رضا المحكوم له وأول من حبس على الدين شريح وكان الخصمان يتلازمان

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية