الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : كتب عليكم القتال وهو كره لكم هذا يدل على فرض القتال ؛ لأن قوله : كتب عليكم بمعنى فرض عليكم ، كقوله : كتب عليكم الصيام ثم لا يخلو القتال المذكور في الآية من أن يرجع إلى معهود قد عرفه المخاطبون ، أو لم يرجع إلى معهود ؛ لأن الألف ، واللام تدخلان للجنس ، أو للمعهود ، فإن كان المراد قتالا قد عرفوه رجع الكلام [ ص: 401 ] إليه ، نحو قوله تعالى : وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة وقوله : ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم فإن كان كذلك ، فإنما هو أمر بقتال على وصف ، وهو أن نقاتل المشركين إذا قاتلونا ، فيكون حينئذ كلاما مبنيا على معهود قد علم حكمه مكرر ذكره تأكيدا ، وإن لم يكن راجعا إلى معهود فهو لا محالة مجمل مفتقر إلى البيان ، وذلك أنه معلوم عند وروده أنه لم يأمرنا بقتال الناس كلهم فلا يصح اعتقاد العموم فيه ، وما لا يصح اعتقاد العموم فيه فهو مجمل مفتقر إلى البيان .

وسنبين اختلاف أهل العلم في فرض الجهاد وكيفيته عند مصيرنا إلى قوله : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم إن شاء الله تعالى . وقوله : وهو كره لكم معناه مكروه لكم ؛ أقيم فيه المصدر مقام المفعول ، كقولك : " فلان رضى " أي : مرضي .

التالي السابق


الخدمات العلمية