الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 151 ] في عبادة الديان وطاعة الرحمن إن قيل : هل يكون انتظار الإمام المسبوق ليدركه في الركوع شركا في العبادة أم لا ؟ قلت : ظن بعض العلماء ذلك وليس كما ظن ، بل هو جمع بين قربتين لما فيه من الإعانة على إدراك الركوع وهي قربة أخرى ، والإعانة على الطاعات من أفضل الوسائل عند الله ، ورتب تلك المعونات عند الله على قدر رتب المعان عليه من القربات . والإعانة على معرفة الله ومعرفة ذاته وصفاته أفضل الإعانات .

وكذلك الإعانة على معرفة شرعه ، وكذلك المعونة بالفتاوى والتعليم والتفهيم ، والإعانة على الفرائض أفضل من الإعانة على النوافل ، وإذا كانت الصلاة أفضل القربات البدنيات كان الإعانة عليها من أفضل الإعانات فإذا أعان المصلي بماء الطهارة أو ستر العورة أو دله على القبلة ، كان مأجورا على ذلك كله . وليس لأحد أن يقول هذا شرك في العبادة بين الخالق والمخلوق . فإن الإعانة على الخير والطاعة لو كانت رياء وشركا ، لكان تبليغ الرسالة وتعليم العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رياء وشركا ، وهذا لا يقوله أحد ، لأن الرياء والشرك أن يقصد بإظهار عمله ما لا قربة به إلى الله من نيل أعواض نفسه الدنية وهو قد أعان على القرب إلى الله وأرشد عباده إليه ، ولو كان هذا شركا لكان الأذان وتعليم القرآن شركين وقد جاء في الحديث الصحيح : { أن رجلا صلى منفردا فقال عليه السلام : من يتجر على هذا ؟ } وروي : { من يتصدق على هذا ؟ فقام رجل فصلى وراءه } ليفيده فضيلة الاقتداء ، ولم يجعله عليه السلام رياء ولا شركا لما فيه من إفادة الجماعة المقربة إلى الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية