الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 7 ] 2- وأما قوله: (الرحمن الرحيم الحمد) فوصلت هذه الأسماء التي في أوائلها "الألف واللام" حتى ذهبت "الألف" في اللفظ؛ وذلك لأن كل اسم في أوله "ألف ولام" زائدتان فـ "الألف" تذهب إذا اتصلت بكلام قبلها، وإذا استأنفتها كانت مفتوحة أبدا لتفرق بينها وبين "الألف" التي تزاد مع غير "اللام"، ولأن هذه "الألف واللام" هما جميعا حرف واحد كـ "قد" و"بل"، وإنما تعرف زيادتهما بأن تروم ألفا ولاما" أخريين تدخلهما عليهما؛ فإن لم تصل إلى ذلك عرفت أنهما زائدتان. ألا ترى أن قولك: "الحمد لله" وقولك: "العالمين" وقولك: "التي" و "الذي" "والله" لا تستطيع أن تدخل عليهن "ألفا ولاما" أخريين؟ فهذا يدلك على زيادتهما. فكلما اتصلتا بما قبلهما ذهبت "الألف" إلا أن توصل بـ "ألف" الاستفهام؛ فتترك مخففة. لا يخفف فيها "الهمزة" إلا ناس من العرب قليل؛ وهو قوله: (آلله أذن لكم) ، وقوله: (آلله خير أما يشركون) وقوله: (آلآن وقد عصيت قبل) . وإنما مدت في الاستفهام ليفرق بين الاستفهام والخبر. ألا ترى أنك لو قلت وأنت تستفهم: "الرجل قال كذا وكذا؟" فلم تمددها صارت مثل قولك: "الرجل قال: كذا وكذا" إذا أخبرت.

                                                                                                                                                                                                                      وليس سائر ألفات الوصل هكذا؛ قال: (أصطفى البنات على البنين) ؛ وقال: (أفترى على الله كذبا أم به جنة) . فهذه

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 8 ] "الألفات" مفتوحة مقطوعة؛ لأنها "ألف" استفهام. و"ألف" الوصل التي كانت في "اصطفى"، قد ذهبت، حيث اتصلت "الصاد" بهذه "الألف" التي قبلها للاستفهام. وقال من قرأ هذه الآية (كنا نعدهم من الأشرار . أتخذناهم) فقطع ألف "أتخذناهم" فإنما جعلها "ألف" استفهام، وأذهب "ألف" الوصل التي كانت بعدها، لأنها إذا اتصلت بحرف قبلها ذهبت. وقد قرئ هذا الحرف موصولا، وذلك أنهم حملوا قوله: (أم زاغت عنهم الأبصار) على قوله:(ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار أم زاغت عنهم الأبصار)

                                                                                                                                                                                                                      وما كان من اسم في أوله "ألف ولام" تقدر أن تدخل عليهما "ألفا ولاما" أخريين، فـ "الألف" من ذلك مقطوعة؛ تكون في الاستئناف على حالها في الاتصال؛ نحو قوله: (ما لكم من إله غيره) لأنك لو قلت: "الإله"، فأدخلت عليها "ألفا ولاما" جاز ذلك. وكذلك "ألواح" وإلهام" و "إلقاء" مقطوع كله، لأنه يجوز إدخال ألف ولام أخريين.

                                                                                                                                                                                                                      فأما "إلى" فمقطوعة ولا يجوز إدخال الألف واللام عليها لأنها ليست باسم، وإنما تدخل "الألف واللام" على الاسم؛ ويدلك على أن "الألف واللام" في "إلى" ليستا بزائدتين أنك إنما وجدت "الألف واللام" تزادان في الأسماء، ولا تزادان في غير الأسماء، مثل "إلى" و "ألا". ومع ذلك تكون ألف "إلى" مكسورة؛ وألف اللام الزائدة لا تكون مكسورة.

                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية