الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ خيم ]

                                                          خيم : الخيمة : بيت من بيوت الأعراب مستدير يبنيه الأعراب من عيدان الشجر ; قال الشاعر :


                                                          أو مرخة خيمت

                                                          وقيل : هي ثلاثة أعواد أو أربعة يلقى عليها الثمام ويستظل بها في الحر ، والجمع خيمات وخيام وخيم وخيم ، وقيل : الخيم أعواد تنصب في القيظ ، وتجعل لها عوارض ، وتظلل بالشجر فتكون أبرد من الأخبية ، وقيل : هي عيدان يبنى عليها الخيام ; قال النابغة :


                                                          فلم يبق إلا آل خيم منضد     وسفع على آس ونؤي معثلب

                                                          الآس : الرماد . ومعثلب : مهدوم . والذي رواه ابن السيرافي على أس قال : وهو الأساس ; ويروى عجزه أيضا :


                                                          وثم على عرش الخيام غسيل

                                                          ورواه أبو عبيد للنابغة ، ورواه ثعلب لزهير ، وقيل : الخيم ما يبنى من الشجر والسعف ، يستظل به الرجل إذا أورد إبله الماء . وخيمه أي جعله كالخيمة .

                                                          والخيمة عند العرب : البيت والمنزل ، وسميت خيمة لأن صاحبها يتخذها كالمنزل الأصلي . ابن الأعرابي : الخيمة لا تكون إلا من أربعة أعواد ثم تسقف بالثمام ولا تكون من ثياب ، قال : وأما المظلة فمن الثياب وغيرها ، ويقال : مظلة . قال ابن بري : الذي حكاه الجوهري من أن الخيمة بيت تبنيه الأعراب من عيدان الشجر هو قول الأصمعي ، وهو أنه كان يذهب إلى أن الخيمة إنما تكون من شجر ، فإن كانت من غير شجر فهي بيت ، وغيره يذهب إلى أن الخيمة تكون من الخرق المعمولة بالأطناب ، واستدل بأن أصل التخييم الإقامة ، فسميت بذلك لأنها تكون عند النزول فسميت خيمة ; قال : ومثل بيت النابغة قول مزاحم :


                                                          منازل أما أهلها فتحملوا     فبانوا وأما خيمها فمقيم

                                                          قال : ومثله قول زهير :


                                                          أربت به الأرواح كل عشية     فلم يبق إلا آل خيم منضد

                                                          قال : وشاهد الخيم قول مرقش :


                                                          هل تعرف الدار عفا رسمها     إلا الأثافي ومبنى الخيم ؟

                                                          وشاهد الخيام قول حسان :


                                                          ومظعن الحي ومبنى الخيام

                                                          وفي الحديث : الشهيد في خيمة الله تحت العرش ; الخيمة : معروفة ; ومنه خيم بالمكان أي أقام به وسكنه ، واستعارها لظل رحمة الله ورضوانه ، ويصدقه الحديث الآخر : الشهيد في ظل الله وظل عرشه .

                                                          وفي الحديث : من أحب أن يستخيم له الرجال قياما كما يقام بين يدي الملوك والأمراء ، وهو من قولهم : خام يخيم وخيم يخيم إذا أقام بالمكان ، ويروى : استخم واستجم ، وقد تقدما . والخيام أيضا : الهوادج على التشبيه ; قال الأعشى :


                                                          أمن جبل الأمرار ضرب خيامكم     على نبإ إن الأشافي سائل

                                                          وأخام الخيمة وأخيمها : بناها ; عن ابن الأعرابي : وتخيم مكان كذا : ضرب خيمته . وخيم القوم : دخلوا في الخيمة . وخيموا بالمكان : أقاموا ; وقال الأعشى :


                                                          فلما أضاء الصبح قام مبادرا     وكان انطلاق الشاة من حيث خيما

                                                          والعرب تقول : خيم فلان خيمة إذا بناها ، وتخيم إذا أقام فيها ; وقال زهير :


                                                          وضعن عصي الحاضر المتخيم

                                                          وخيمت الرائحة الطيبة بالمكان والثوب : أقامت وعبقت به . وخيم الوحشي في كناسه : أقام فيه فلم يبرحه . وخيمه : غطاه بشيء كي يعبق به ; وأنشد :


                                                          مع الطيب المخيم في الثياب

                                                          أبو عبيد : الخيم الشيمة والطبيعة والخلق والسجية . ويقال : خيم السيف فرنده ، والخيم : الأصل ; وأنشد :


                                                          ومن يبتدع ما ليس من خيم نفسه     يدعه ويغلبه على النفس خيمها

                                                          ابن سيده : الخيم ، بالكسر ، الخلق ، وقيل : سعة الخلق ، وقيل : الأصل فارسي معرب لا واحد له من لفظه . وخام عنه يخيم خيما وخيمانا وخيوما وخياما وخيمومة : نكص وجبن ، وكذلك إذا كاد يكيد كيدا فرجع عليه ولم ير فيه ما يحب ، ونكل ونكص ، وكذلك خاموا في الحرب فلم يظفروا بخير وضعفوا ; وأنشد :

                                                          [ ص: 196 ]

                                                          رموني عن قسي الزور حتى     أخامهم الإله بها فخاموا

                                                          والخائم : الجبان . وخام عن القتال يخيم خيما وخام فيه : جبن عنه ; وقول الهذلي جنادة بن عامر :


                                                          لعمرك ما ونى ابن أبي أنيس     ولا خام القتال ولا أضاعا

                                                          قال ابن جني : أراد حرف الجر وحذفه أي خام في القتال ، وقال : خام جبن وتراجع ; قال ابن سيده : وهو عندي من معنى الخيمة ، وذلك أن الخيمة تعطف وتثنى على ما تحتها لتقيه وتحفظه ، فهي من معنى القصر والثني ، وهذا هو معنى خام لأنه انكسر وتراجع وانثنى ، ألا تراهم قالوا لجانب الخباء كسر ؟ .

                                                          ابن سيده : والخامة من الزرع أول ما ينبت على ساق واحدة ، وقيل : هي الطاقة الغضة منه ، وقيل : هي الشجرة الغضة الرطبة .

                                                          ابن الأعرابي : الخامة السنبلة ، وجمعها خام . والخامة : الفجلة ، وجمعها خام ; قال أبو سعيد الضرير : إن كانت محفوظة فليست من كلام العرب .

                                                          قال أبو منصور : و ابن الأعرابي أعرف بكلام العرب من أبي سعيد ، وقد جعل الخامة من كلام العرب بمعنيين مختلفين .

                                                          والخام من الجلود : ما لم يدبغ أو لم يبالغ في دبغه . والخام : الدبس الذي لم تمسه النار ; عن أبي حنيفة ، قال : وهو أفضله . والخيم : الحمض . ابن بري : وخيماء اسم ماءة ; عن الفراء : وخيم : جبل معروف ; قال جرير :


                                                          أقبلت من نجران أو جنبي خيم

                                                          وخيم : موضع معروف . والمخيم : موضعان ; قال أبو ذؤيب :


                                                          ثم انتهى بصري عنهم وقد بلغوا     بطن المخيم فقالوا الجر أو راحوا

                                                          قال ابن جني : المخيم مفعل لعدم م خ م ، وعزة باب قلق . وحكى أبو حنيفة : خامت الأرض تخيم خيمانا ، وزعم أنه مقلوب من وخمت ; قال ابن سيده : وليس كذلك إنما هو في معناه لا مقلوب عنه . وخمت رجلي خيما إذا رفعتها ; وأنشد ثعلب :


                                                          رأوا وقرة في الساق مني فحاولوا     جبوري لما أن رأوني أخيمها

                                                          .

                                                          الفراء و ابن الأعرابي : الإخامة أن يصيب الإنسان أو الدابة عنت في رجله ، فلا يستطيع أن يمكن قدمه من الأرض فيبقي عليها ; يقال : إنه ليخيم إحدى رجليه .

                                                          أبو عبيد : الإخامة للفرس أن يرفع إحدى يديه أو إحدى رجليه على طرف حافره ; وأنشد الفراء ما أنشده ثعلب أيضا :


                                                          رأوا وقرة في الساق مني فحاولوا     جبوري لما أن رأوني أخيمها

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية