الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ 1405 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=660414قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=treesubj&link=19514_30516_7638_7643_29716_17941_28723_25549إن المقسطين عند الله تعالى على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين - الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا.
وقد فسر المقسطين في آخر الحديث فقال: " الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ".
والمنبر سمي بذلك لارتفاعه؛ يقال: نبر الجرح وانتبر - أي ارتفع وانتفخ، ويعني به مجلسا رفيعا يتلألأ نورا، ويحتمل أن يكون عبر به عن المنزلة الرفيعة المحمودة، ولذلك قال: " عن يمين الرحمن "، وقال ابن عرفة : يقال: أتاه عن يمين: إذا أتاه من الجهة المحمودة.
وقد شهد العقل والنقل: أن الله تعالى منزه عن مماثلة الأجسام وعن [ ص: 23 ] الجوارح المركبة من الأعصاب والعظام، وما جاء في الشريعة مما يوهم شيئا من ذلك فهو توسع واستعارة حسب عادات مخاطباتهم الجارية على ذلك.
وقد توسعت العرب في اليمين فأطلقوه ولا يريدون به يمين الجارحة، بل الجهة المحمودة والظفر بالخصلة الشريفة المقصودة، كما قال شاعرهم:
إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين
والمجد: الشرف. ورايته عبارة عما يظهر من خصاله، وهما معنويان؛ فاليمين التي تتلقى به تلك الراية معنوي لا محسوس، فأشبه ما يحمل عليه اليمين في هذا الحديث ما قاله ابن عرفة : إنه عبارة عن المنزلة الرفيعة والدرجة المنيعة. وقد قدمنا أن اشتقاق اليمين من اليمن، وأن كل ذلك راجع إلى اليمن والبركة.
وقوله: " وكلتا يديه يمين " تحرز عن توهم نقص وضعف فيما أضافه إلى الحق سبحانه وتعالى مما قصد به الإكرام والتشريف على ما مر؛ وذلك: أنه لما كانت اليمين في حقنا يقابلها الشمال - وهي أنقص منها رتبة وأضعف حركة وأثقل لفظا - حسم توهم مثل هذه في حق الله تعالى، فقال: " وكلتا يديه يمين "؛ أي: كل ما نسب إليه من ذلك شريف محمود لا نقص يتوهم فيه ولا قصور.