الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فروع منثورة تتعلق بالعموم والخصوص

الأول : إذا سيق العام للمدح أو الذم ، فهل هو باق على عمومه ؟ فيه مذاهب ؟

أحدها : نعم ; إذ لا صارف عنه ، ولا تنافي بين العموم وبين المدح أو الذم .

والثاني : لا ; لأنه لم يسق للتعميم بل للمدح أو للذم .

والثالث : - وهو الأصح - التفصيل ، فيعم إن لم يعارضه عام آخر لم يسق لذلك [ ص: 639 ] ولا يعم إن عارضه ذلك ; جمعا بينهما .

مثاله - ولا معارض - قوله تعالى : إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم [ الانفطار : 13 - 14 ] .

ومع المعارض : قوله تعالى : والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم [ المؤمنون : 5 - 6 ] فإنه سيق للمدح ، وظاهره يعم الأختين بملك اليمين جمعا . وعارضه في ذلك : وأن تجمعوا بين الأختين [ النساء : 23 ] ، فإنه شامل لجمعهما بملك اليمين ، ولم يسق للمدح ، فحمل الأول على غير ذلك ، بأن لم يرد تناوله له .

ومثاله في الذم : والذين يكنزون الذهب والفضة [ التوبة : 34 ] الآية ، فإنه سيق للذم ، وظاهره يعم الحلي المباح ، وعارضه في ذلك حديث جابر : ليس في الحلي زكاة . فحمل الأول على غير ذلك .

الثاني : اختلف في الخطاب الخاص به - صلى الله عليه وسلم - نحو : ( يا أيها النبي ) ( يا أيها الرسول ) هل يشمل الأمة ؟ فقيل : نعم ; لأن أمر القدوة أمر لأتباعه معه عرفا ، والأصح في الأصول المنع ، لاختصاص الصيغة به .

الثالث : اختلف في الخطاب ب ( يا أيها الناس ) هل يشمل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؟ على مذاهب :

أصحها - وعليه الأكثرون - نعم ; لعموم الصيغة له . أخرج ابن أبي حاتم عن الزهري قال : إذا قال الله ( : " يا أيها الذين آمنوا افعلوا ) " فالنبي - صلى الله عليه وسلم - منهم .

والثاني : لا ; لأنه ورد على لسانه لتبليغ غيره ، ولما له من الخصائص .

والثالث : إن اقترن ب : ( قل ) لم يشمله لظهوره في التبليغ ، وذلك قرينة عدم شموله ; وإلا فيشمله .

الرابع : الأصح في الأصول أن الخطاب ( يا أيها الناس ) يشمل الكافر والعبد لعموم اللفظ . وقيل : لا يعم الكافر بناء على عدم تكليفه بالفروع ، ولا العبد لصرف [ ص: 640 ] منافعه إلى سيده شرعا .

الخامس : اختلف في ( من ) هل تتناول الأنثى ؟ فالأصح : نعم ، خلافا للحنفية .

لنا قوله تعالى : ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى [ النساء : 124 ] ، فالتفسير بهما دال على تناول ( من ) لهما . وقوله : ومن يقنت منكن لله [ الأحزاب : 31 ] .

واختلف في جمع المذكر السالم هل يتناولها ؟ فالأصح : لا ، وإنما يدخلن فيه بقرينة . أما المكسر : فلا خلاف في دخولهن فيه .

السادس : اختلف في الخطاب ب ( يا أهل الكتاب ) ، هل يشمل المؤمنين ؟

فالأصح : لا ; لأن اللفظ قاصر على من ذكر . وقيل : إن شاركوهم في المعنى شملهم وإلا فلا .

واختلف في الخطاب ب ( يا أيها الذين آمنوا ) هل يشمل أهل الكتاب ؟ فقيل : لا ، بناء على أنهم غير مخاطبين بالفروع . وقيل : نعم واختاره ابن السمعاني ، قال : وقوله : ( يا أيها الذين آمنوا ) خطاب تشريف لا تخصيص .

التالي السابق


الخدمات العلمية