الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرع ) مات أجير العين قبل الإحرام لم يستحق شيئا أو بعده استحق ؛ لأنه أتى ببعض المستأجر عليه ، وإن لم يجز عن المستأجر له بالقسط بأن توزع أجرة المثل على السير والأعمال ويعطى ما يخص عمله قال بعضهم من المسمى وقال بعضهم من أجرة المثل والذي يتجه الأول أخذا مما يأتي قبيل ما يحرم من النكاح ثم رأيت شيخنا جزم به وسيأتي في الإجارة أنها لا تصح على زيارته صلى الله عليه وسلم سواء أريد بها الوقوف عند القبر المكرم أو الدعاء ثم لعدم انضباطه وقضيته أنه لو انضبط كأن كتب له بورقة صحت ، وهو متجه وأما الجعالة فلا تصح على الأول ؛ لأنه لا يقبل النيابة بل على الثاني وعليه لو استعجل من جماعة على الدعاء ثم صح فإذا دعا لكل منهم استحق جعل الجميع [ ص: 33 ] لتعدد المجاعل عليه ، وإن اتحد السير إليه كما لو استعجل على رد آبقين لملاك من موضع واحد ويشهد لذلك نص الشافعي رضي الله عنه على أن من مر بمتناضلين فقال لذي النوبة إن أصبت بهذا السهم فلك دينار فأصاب استحقه وحسبت له الإصابة وما كان له عليها مع اتحاد عمله .

                                                                                                                              ولا ينافيه ما لو كان ميتان بقبر فاستعجل على أن يقرأ على كل ختمة لزمه ختمتان ؛ لأن لفظ القرآن مقصود فإذا شرط تعدده وجب بخلاف لفظ الدعاء ولتفاوت ثواب القراءة ونفعها للميت وتفاوت الخشوع والتدبر فلم يمكن التداخل فيها فتأمله .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله بخلاف لفظ الدعاء ) هذا يدل على جواز اتحاد الدعاء أي ك اللهم افعل كذا بفلان وفلان وفلان مثلا



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : مات أجير إلخ ) على حذف أداة الشرط .

                                                                                                                              ( قوله : بالقسط ) متعلق بقوله استحق .

                                                                                                                              ( قوله : أو بعده استحق إلخ ) عبارة فتح القدير للكردي أو بعد الإحرام وقبل تمام الأركان أثبت المحجوج عنه على ذلك واستحق الأجير قسطه من المسمى إلا العامل في الجعالة ويعتبر ذلك من ابتداء السير وتنفسخ الإجارة ، وإن مات بعد تمام الأركان دون باقي الأعمال الواجبة أو المسنونة لم يؤثر ذلك في صحة الإجارة لكن يلزم الأجير حط قسط ما بقي من الواجبات والسنن وتجبر الواجبات والسنن بدم ، وهو على المستأجر على المعتمد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله الأول ) أي : من المسمى ( قوله جزم به ) أي : بالأول .

                                                                                                                              ( قوله : سواء أريد بها الوقوف عند القبر ) أي : ؛ لأنه لا يقبل النيابة .

                                                                                                                              ( قوله : لعدم انضباطه ) أي : الدعاء .

                                                                                                                              ( قوله : وقضيته ) أي : التعليل .

                                                                                                                              ( قوله : على الأول ) أي : الوقوف و ( قوله : بل على الثاني ) أي : الدعاء ولا يضر الجهل بنفس الدعاء فتح القدير .

                                                                                                                              ( قوله : وعليه ) أي : على صحة الجعالة على الدعاء .

                                                                                                                              ( قوله : فإذا دعا لكل منهم إلخ ) أو بأن [ ص: 33 ] قال اللهم اغفر لكل منهم و ( قوله : لتعدد المجاعل عليه ) المراد به ما يشمل الضمني كردي .

                                                                                                                              ( قوله : ويشهد لذلك ) أي : استحقاق جعل الجميع .

                                                                                                                              ( قوله : استحقه ) أي الدينار .

                                                                                                                              ( قوله : وجبت له ) أي : لذي النوبة .

                                                                                                                              ( قوله : له عليها ) أي لذي النوبة على الإصابة .

                                                                                                                              ( قوله : ؛ لأن لفظ القران إلخ ) علة لنفي المنافاة .

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف لفظ الدعاء ) هذا يدل على جواز اتحاد الدعاء أي : كاللهم افعل كذا بفلان وفلان مثلا سم .

                                                                                                                              ( قوله : فلم يمكن التداخل إلخ )



                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( خاتمة ) يجوز أن يحج عن غيره بالنفقة وهي قدر الكفاية كما يجوز بالإجارة والجعالة ، وإن استأجر بها لم يصح لجهالة العوض ولو قال المعضوب من حج عني فله مائة درهم فمن حج عنه ممن سمعه أو سمع من أخبره عنه أي ووقع في قلبه صدقه استحقها ، فإن أحرم عنه اثنان مرتبا استحقها الأول ، وإن أحرما معا أو جهل السابق منهما مع جهل سبقه أو بدونه أي : بأن علم السبق ولم يعلم عين السابق وقع حجهما عنهما ولا شيء لهما على القائل إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر ولو علم سبق أحدهما أي : بعينه ثم نسى فقياس نظائره ترجيح الوقف أي : في العوض ولو كان العوض مجهولا كأن قال من حج عني فله ثوب وقع الحج عنه بأجرة المثل ثم الاستئجار فيما ذكر ضربات استئجار عين واستئجار ذمة فالأول كاستأجرتك لتحج عني أو عن ميتي هذه السنة ، فإن عين غير السنة الأولى لم يصح العقد ، وإن أطلق صح وحمل على السنة الحاضرة ، فإن كان لا يصل إلىمكة إلا لسنتين فأكثر فالأولى من سني إمكان الوصول ويشترط لصحة العقد قدرة الأجير على الشروع في العمل واتساع المدة له والمكي ونحوه أي : كأهل اليمن يستأجر في أشهر الحج .

                                                                                                                              والضرب الثاني كقوله ألزمت ذمتك تحصيل حجة ويجوز الاستئجار في هذا الضرب على المستقبل ، فإن أطلق حمل على الحاضرة فيبطل إن ضاق الوقت لا يشترط قدرته على السفر لإمكان الاستنابة في إجارة الذمة ولو قال ألزمت ذمتك لتحج عني بنفسك صح وتكون إجارة عين ويشترط معرفة العاقدين أعمال الحج أي : من أركان وواجبات وسنن ولا يجب ذكر الميقات ويحمل عند الإطلاق على الميقات الشرعي ولو استأجر للقران فالدم على المستأجر ، فإن شرطه على الأجير بطلت الإجارة ولو كان المستأجر للقران معسرا فالصوم الذي هو بدل الدم على الأجير ؛ لأن بعضه ، وهو الأيام الثلاثة في الحج والذي في الحج منهما هو الأجير وجماع الأجير مفسد للحج وتنفسخ به إجارة العين لا إجارة الذمة ؛ لأنها لا تختص بزمان وينقلب فيهما الحج للأجير كمطيع المعضوب إذا جامع فسد حجه وانقلب له وعليه أن يمضي في فاسده والكفارة وعليه في إجارة الذمة أن يأتي بعد القضاء عن نفسه بحج آخر للمستأجر في عام آخر أو يستنيب من يحج عنه في ذلك العام أو في غيره وللمستأجر فيهما الخيار في الفسخ على التراخي لتأخر المقصود ويسقط فرض من حج أو اعتمر بمال حرام كمغصوب ، وإن كان عاصيا كما في الصلاة في مغصوب أو ثوب حرير مغني .

                                                                                                                              وكذا في النهاية إلا أنه عقب قوله صح وتكون إجارة عين بما نصه على ما في الروضة هنا عن البغوي وقال الإمام ببطلانها وتبعه في الروضة في باب الإجارة وصاحب الأنوار ، وهو المعتمد ا هـ .

                                                                                                                              وفي الونائي بعد ذكره عن الشارح في الحاشية والإيعاب مثل ما مر عن المغني من أنها إجارة عين صحيحة ما نصه ويصح كون من لم يحج أجير ذمة فتصح عن نفسه ثم عن المستأجر في سنة أخرى لا أجير عين ؛ لأنها تتعين للسنة الأولى ا هـ عبارة فتح القدير ولا يشترط في الإجارة الذمية أن يباشر الأجير عمل النسك الذي استؤجر له بنفسه ولا قدرته على الشروع في العمل ولا أن يكون قد حج عن نفسه ولا يقدح في ذلك خوف الأجير موته أو مرضه إذ له الإنابة فيها ولو بلا عذر ولو بشيء قليل دون ما استؤجر به ويجوز له حينئذ أكل الزائد نعم يلزم أن لا يستأجر إلا عدلا ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية