الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ التنفل بعد الإقامة للصلاة المكتوبة ]

المثال الرابع والخمسون : رد السنة الصحيحة الصريحة أنه لا يجوز التنفل إذا أقيمت صلاة الفرض كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة } وقال الإمام أحمد في روايته : { إلا التي أقيمت } وفي الصحيحين عن عبد الله بن مالك بن بحينة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا وقد أقيمت الصلاة يصلي ركعتين ، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم لاث به الناس وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصبح أربعا ؟ الصبح أربعا ؟ } وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن سرجس قال : { دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح ، فصلى ركعتين قبل أن يصل إلى الصف ، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : يا فلان بأي صلاتيك اعتددت ؟ بالتي صليت وحدك أو بالتي صليت معنا ؟ } وفي الصحيحين { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل ، فكلمه بشيء لا ندري ما هو ، فلما انصرف أحطنا به نقول : ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : قال لي : يوشك أن يصلي أحدكم الصبح أربعا } وعند مسلم : { أقيمت صلاة الصبح ، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي والمؤذن يقيم الصلاة ، فقال : أتصلي الصبح أربعا ؟ } وقال أبو داود الطيالسي في مسنده : ثنا أبو عامر الخراز عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال : { كنت أصلي وأخذ المؤذن في الإقامة ، فجذبني النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أتصلي الصبح أربعا } وكان عمر بن الخطاب إذا رأى رجلا يصلي وهو يسمع الإقامة ضربه .

وقال حماد بن سلمة : عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه أبصر رجلا يصلي الركعتين والمؤذن يقيم ، فحصبه وقال : أتصلي الصبح أربعا ؟ فردت هذه السنن كلها بما رواه حجاج بن نصير المتروك عن عباد بن كثير الهالك عن ليث عن عطاء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة } وزاد : { إلا ركعتي الصبح } فهذه الزيادة كاسمها زيادة في الحديث لا أصل لها . [ ص: 271 ] فإن قيل : فقد كان أبو الدرداء يدخل المسجد والناس صفوف في صلاة الفجر فيصلي الركعتين في ناحية المسجد ، ثم يدخل مع القوم في الصلاة ، وكان ابن مسعود يخرج من داره لصلاة الفجر ثم يأتي الصلاة فيصلي ركعتين في ناحية المسجد ثم يدخل معهم في الصلاة . قيل : عمر بن الخطاب وابنه عبد الله في مقابلة أبي الدرداء وابن مسعود ، والسنة سالمة لا معارض لها ، ومعها أصح قياس يكون ; فإن وقتها يضيق بالإقامة فلم يقبل غيرها بحيث لا يجوز لمن حضر أن يؤخرها ويصليها بعد ذلك ، والله الموفق .

التالي السابق


الخدمات العلمية