الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

حكم المسألة

والمسألة في الأصل حرام . وإنما أبيحت للحاجة والضرورة . لأنها ظلم في حق الربوبية . وظلم في حق المسئول . وظلم في حق السائل .

أما الأول : فلأنه بذل سؤاله وفقره وذله واستعطاءه لغير الله . وذلك نوع عبودية . فوضع المسألة في غير موضعها . وأنزلها بغير أهلها . وظلم توحيده وإخلاصه . وفقره إلى الله ، وتوكله عليه ورضاه بقسمه . واستغنى بسؤال الناس عن مسألة رب الناس . وذلك كله يهضم من حق التوحيد ، ويطفئ نوره ويضعف قوته .

وأما ظلمه للمسئول : فلأنه سأله ما ليس عنده . فأوجب له بسؤاله عليه حقا لم يكن له عليه . وعرضه لمشقة البذل ، أو لوم المنع . فإن أعطاه ، أعطاه على كراهة . وإن منعه . منعه على استحياء وإغماض . هذا إذا سأله ما ليس عليه . وأما إذا سأله حقا هو له عنده : فلم يدخل في ذلك . ولم يظلمه بسؤاله .

وأما ظلمه لنفسه : فإنه أراق ماء وجهه . وذل لغير خالقه . وأنزل نفسه أدنى المنزلتين . ورضي لها بأبخس الحالتين . ورضي بإسقاط شرف نفسه ، وعزة تعففه ، وراحة [ ص: 223 ] قناعته . وباع صبره ورضاه وتوكله ، وقناعته بما قسم له ، واستغناءه عن الناس بسؤالهم . وهذا عين ظلمه لنفسه . إذ وضعها في غير موضعها . وأخمل شرفها . ووضع قدرها . وأذهب عزها . وصغرها وحقرها . ورضي أن تكون نفسه تحت نفس المسئول . ويده تحت يده . ولولا الضرورة لم يبح ذلك في الشرع .

وقد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم .

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سأل الناس أموالهم تكثرا ، فإنما يسأل جمرا . فليستقل أو ليستكثر .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والذي نفسي بيده ، لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره ، فيتصدق به على الناس ، خير له من أن يأتي رجلا فيسأله ، أعطاه أو منعه .

وفي صحيح مسلم عنه أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن يغدو أحدكم ، فيحتطب على ظهره . فيتصدق به ، ويستغني به عن الناس : خير له من أن يسأل رجلا ، أعطاه أو منعه . ذلك بأن اليد العليا خير من اليد السفلى . وابدأ بمن تعول . زاد الإمام أحمد ولأن يأخذ ترابا فيجعله في فيه : خير له من أن يجعل في فيه ما حرم الله عليه .

وفي صحيح البخاري عن الزبير بن العوام رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لأن يأخذ أحدكم حبله . فيأتي بحزمة من الحطب على ظهره ، فيبيعها . فيكف الله بها وجهه : خير له من أن يسأل الناس ، أعطوه أو منعوه .

وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناسا من الأنصار سألوا [ ص: 224 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأعطاهم ، ثم سألوه فأعطاهم ، ثم سألوه فأعطاهم . حتى نفد ما عنده . فقال لهم - حين أنفق كل شيء بيده - : ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم . ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله . ومن يتصبر يصبره الله . وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر .

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : - وهو على المنبر وذكر الصدقة والتعفف والمسألة - اليد العليا خير من اليد السفلى . فاليد العليا : هي المنفقة . واليد السفلى : هي السائلة . رواه البخاري و مسلم .

وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني . ثم سألته فأعطاني . ثم قال : يا حكيم ، إن هذا المال خضرة حلوة . فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه . ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه . وكان كالذي يأكل ولا يشبع . واليد العليا خير من اليد السفلى . قال حكيم : فقلت : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ، لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا . وكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو حكيما إلى العطاء فيأبى أن يقبله منه . ثم إن عمر رضي الله عنه دعاه ليعطيه . فأبى أن يقبل منه شيئا . فقال عمر : إني أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم : أني أعرض عليه حقه من هذا الفيء ، فيأبى أن يأخذه . فلم يرزأ حكيم رضي الله عنه أحدا من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي . متفق على صحته .

وروي عن الشعبي قال : حدثني كاتب المغيرة بن شعبة : قال : كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة : أن اكتب إلي شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فكتب إليه : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله كره لكم ثلاثا . قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال . رواه البخاري و مسلم .

وعن معاوية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلحفوا في المسألة . فوالله [ ص: 225 ] لا يسألني أحد منكم شيئا ، فتخرج له مسألته مني شيئا وأنا له كاره . فيبارك له فيما أعطيته . .

وفي لفظ إنما أنا خازن . فمن أعطيته عن طيب نفس فيبارك له فيه ، ومن أعطيته عن مسألة وشره كان كالذي يأكل ولا يشبع . رواه مسلم .

وعن أبي مسلم الخولاني رضي الله عنه قال : حدثني الحبيب الأمين - أما هو : فحبيب إلي . وأما هو عندي : فأمين . عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة - أو ثمانية ، أو سبعة - فقال : ألا تبايعون رسول الله ؟ - وكنا حديثي عهد ببيعته - فقلنا : قد بايعناك يا رسول الله . ثم قال : ألا تبايعون رسول الله ؟ فقلنا : قد بايعناك يا رسول الله . ثم قال : ألا تبايعون رسول الله ؟ قال : فبسطنا أيدينا . وقلنا : قد بايعناك يا رسول الله . فعلام نبايعك ؟ قال : أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا . والصلوات الخمس . وتطيعوا الله - وأسر كلمة خفية - ولا تسألوا الناس شيئا . فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدا يناوله إياه . رواه مسلم .

وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المسألة كد يكد بها الرجل وجهه ، إلا أن يسأل الرجل سلطانا ، أو في أمر لا بد منه . رواه الترمذي . وقال : حديث حسن صحيح .

وفي مسند الإمام أحمد عن زيد بن عقبة الفزاري ، قال : دخلت على الحجاج بن يوسف الثقفي . فقلت : أصلح الله الأمير ، ألا أحدثك حديثا سمعته من سمرة بن جندب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : بلى ، قال : سمعته يقول : المسائل كد يكد بها الرجل وجهه . فمن شاء أبقى على وجهه . ومن شاء ترك ، إلا أن يسأل رجل ذا سلطان ، أو يسأل في أمر لا بد منه .

وعن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يتقبل لي بواحدة وأتقبل [ ص: 226 ] له بالجنة ؟ قلت : أنا . قال : لا تسأل الناس شيئا . فكان ثوبان يقع سوطه ، وهو راكب . فلا يقول لأحد : ناولنيه ، حتى ينزل هو فيتناوله . رواه الإمام أحمد وأهل السنن .

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصابته فاقة . فأنزلها بالناس : لم تسد فاقته . ومن أنزلها بالله : أوشك الله له بالغنى : إما بموت عاجل ، أو غنى عاجل . رواه أبو داود الترمذي . وقال : حديث حسن صحيح .

وعن سهل بن الحنظلية قال : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن ، والأقرع بن حابس . فسألاه . فأمر لهما بما سألاه . وأمر معاوية فكتب لهما بما سألا . فأما الأقرع : فأخذ كتابه فلفه في عمامته وانطلق . وأما عيينة : فأخذ كتابه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتابه . فقال : يا محمد ، أراني حاملا إلى قومي كتابا لا أدري ما فيه ، كصحيفة المتلمس ، فأخبر معاوية بقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار - وفي لفظ : من جمر جهنم - قالوا : يا رسول الله ، وما يغنيه ؟ - وفي لفظ : وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة ؟ - قال : قدر ما يغديه وما يعشيه . وفي لفظ : أن يكون له شبع يوم وليلة رواه أبو داود و الإمام أحمد .

وعن ابن الفراسي أن الفراسي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أسأل يا رسول الله ؟ قال : لا ، وإن كنت سائلا لا بد فسل الصالحين . رواه النسائي .

وعن قبيصة بن مخارق الهلالي ، قال : تحملت حمالة . فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أسأله : فقال : أقم حتى تأتينا الصدقة . فآمر لك بها . ثم قال : يا قبيصة ، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل تحمل حمالة . فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك . ورجل أصابته [ ص: 227 ] جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال : سدادا من عيش - ورجل أصابته فاقة ، حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه : لقد أصابت فلانا فاقة . فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال : سدادا من عيش - فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتا . رواه مسلم .

وعن عائذ بن عمرو رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم : فسأله . فأعطاه . فلما وضع رجله على أسكفة الباب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو يعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله شيئا . رواه النسائي .

وعن مالك بن نضلة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأيدي ثلاثة . فيد الله : العليا ، ويد المعطي : التي تليها ، ويد السائل : السفلى . فأعط الفضل . ولا تعجز عن نفسك . رواه الإمام أحمد و أبو داود .

وعن ثوبان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال : من سأل مسألة - وهو عنها غني - كانت شينا في وجهه يوم القيامة رواه الإمام أحمد .

وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال : ثلاث ، والذي نفس محمد بيده ، إن كنت لحالفا عليهن : لا ينقص مال من صدقة ، فتصدقوا . ولا يعفو عبد عن مظلمة يبتغي بها وجه الله إلا رفعه الله بها . ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر . رواه الإمام أحمد .

[ ص: 228 ] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : سرحتني أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله . فأتيته فقعدت . قال : فاستقبلني ، فقال : من استغنى أغناه الله ، ومن استعف أعفه الله ، ومن استكفى كفاه الله ، ومن سأل وله قيمة أوقية ، فقد ألحف . فقلت : ناقتي هي خير من أوقية . ولم أسأله . رواه الإمام أحمد و أبو داود .

وعن خالد بن عدي الجهني رضي الله عنه : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من جاءه من أخيه معروف ، من غير إشراف ولا مسألة . فليقبله ولا يرده . فإنما هو رزق ساقه الله إليه . رواه الإمام أحمد .

فهذا أحد المعنيين في قوله : إن من شرط الرضا : ترك الإلحاح في المسألة وهو أليق المعنيين وأولاهما . لأنه قرنه بترك الخصومة مع الخلق . فلا يخاصمهم في حقه . ولا يطلب منهم حقوقه .

والمعنى الثاني : أنه لا يلح في الدعاء . ولا يبالغ فيه . فإن ذلك يقدح في رضاه . وهذا يصح في وجه دون وجه ؛ فيصح إذا كان الداعي يلح في الدعاء بأغراضه وحظوظه العاجلة . وأما إذا ألح على الله في سؤاله بما فيه رضاه والقرب منه : فإن ذلك لا يقدح في مقام الرضا أصلا . وفي الأثر : إن الله يحب الملحين في الدعاء . وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه - يوم بدر - للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، قد ألححت على ربك . كفاك بعض منادتك لربك فهذا الإلحاح عين العبودية .

وفي سنن ابن ماجه من حديث أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يسأل الله يغضب عليه .

فإذا كان سؤاله يرضيه لم يكن الإلحاح فيه منافيا لرضاه .

[ ص: 229 ] وحقيقة الرضا : موافقته سبحانه في رضاه . بل الذي ينافي الرضا : أن يلح عليه . متحكما عليه ، متخيرا عليه ما لم يعلم : هل يرضيه أم لا ؟ كمن يلح على ربه في ولاية شخص ، أو إغنائه ، أو قضاء حاجته . فهذا ينافي الرضا ، لأنه ليس على يقين أن مرضاة الرب في ذلك .

فإن قيل : فقد يكون للعبد حاجة يباح له سؤاله إياها . فيلح على ربه في طلبها حتى يفتح له من لذيذ مناجاته وسؤاله ، والذل بين يديه وتملقه ، والتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده ، وتفريغ القلب له ، وعدم تعلقه في حاجته بغيره - : ما لم يحصل له بدون الإلحاح . فهل يكره له هذا الإلحاح . وإن كان المطلوب حظا من حظوظه ؟

قيل : هاهنا ثلاثة أمور .

أحدها : أن يفنى بمطلوبه وحاجته عن مراده ورضاه ، ويجعل الرب تعالى وسيلة إلى مطلوبه ، بحيث يكون أهم إليه منه . فهذا ينافي كمال الرضا به وعنه .

الثاني : أن يفتح على قلبه - حال السؤال - من معرفة الله ومحبته ، والذل له ، والخضوع والتملق : ما ينسيه حاجته . ويكون ما فتح له من ذلك أحب إليه من حاجته . بحيث يحب أن تدوم له تلك الحال ، وتكون آثر عنده من حاجته . وفرحه بها أعظم من فرحه بحاجته لو عجلت له وفاته ذلك . فهذا لا ينافي رضاه .

وقال بعض العارفين : إنه لأن تكون لي حاجة إلى الله . فأسأله إياها . فيفتح علي من مناجاته ومعرفته ، والتذلل له ، والتملق بين يديه : ما أحب معه أن يؤخر عني قضاءها . وتدوم لي تلك الحال .

وفي أثر : إن العبد ليدعو ربه عز وجل . فيقول الله عز وجل لملائكته : اقضوا حاجة عبدي وأخروها ، فإني أحب أن أسمع دعاءه ، ويدعوه آخر . فيقول الله لملائكته : اقضوا حاجته وعجلوها . فإني أكره صوته .

وقد روى الترمذي وغيره عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يحب أن يسأل وأفضل العبادة انتظار الفرج .

[ ص: 230 ] وروي أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد . فليكثر من الدعاء في الرخاء .

وروي أيضا من حديث أنس رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليسأل أحدكم ربه حاجته ، حتى يسأله الملح ، وحتى يسأله شسع نعله إذا انقطع .

وفيه أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما سئل الله شيئا أحب إليه من أن يسأل العافية . وإن الدعاء لينفع مما نزل ومما لم ينزل . فعليكم عباد الله بالدعاء .

وإذا كان هذا محبة الرب تعالى للدعاء ، فلا ينافي الإلحاح فيه الرضا .

الثالث : أن ينقطع طمعه من الخلق . ويتعلق بربه في طلب حاجته ، وقد أفرده بالطلب . ولا يلوي على ما وراء ذلك . فهذا قد تنشأ له المصلحة من نفس الطلب ، وإفراد الرب بالقصد .

والفرق بينه وبين الذي قبله : أن ذلك قد فتح عليه بما هو أحب إليه من حاجته . فهو لا يبالي بفواتها بعد ظفره بما فتح عليه . وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية