الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وينفق عليه من غلته ) . مراده : إذا لم يعين الواقف النفقة من غيره . وهو واضح . فإن لم يعينه من غيره : فهو من غلته . وإن عينه من غيره : فهو منه ، بلا نزاع بين الأصحاب . وقال الحارثي : وخالف المالكية في شيء منه ، فقالوا : لو شرط المرمة على الموقوف : لم يجز . ووجبت في الغلة . وعن بعضهم : يرد للوقف ما لم يقبض . لأن ذلك بمثابة العوض . فنافى موضوع الصدقة . قال الحارثي : وهذا أقوى . انتهى .

وإذا قلنا : هو من غلته ، فلم تكن له غلة . فلا يخلو : إما أن يكون فيه روح أو لا . فإن كان فيه روح ، فلا يخلو : إما أن يكون الوقف على معين أو معينين ، أو غيرهم . [ ص: 71 ] فإن كان على معينين : فالصحيح من المذهب : وجوب نفقته على الموقوف عليهم . وعليه أكثر الأصحاب . منهم : المصنف ، والشارح ، وصاحب التلخيص والحارثي ، وغيرهم . قال الحارثي : بناء على أنه ملكهم . وذكر المصنف : وجها بوجوبها في بيت المال . قال الحارثي : ويحسن بناؤه على انتفاء ملك الآدمي للموقوف . قال : وبه أقول . ثم إن تعذر الإنفاق من بيت المال ، أو من الموقوف عليه على القول بوجوبها عليه بيع وصرف الثمن في عين أخرى تكون وقفا لمحل الضرورة . قاله الحارثي . قلت : فيعايى بها . وإن كان عدم الغلة لأجل أنه ليس من شأنه أن يستغل كالعبد يخدمه ، والفرس يغزو عليه ، أو يركبه أو جر بقدر نفقته . قاله الحارثي ، وغيره . وهو داخل في عموم كلام المصنف . وإن كان الوقف الذي له روح على غير معين كالمساكين ، والغزاة ، ونحوهم فنفقته في بيت المال . ذكره القاضي ، وابن عقيل ، وغيرهما . قاله الحارثي . ويتجه إيجاره بقدر النفقة حيث أمكن ، ما لم يتعطل النفع الموقوف لأجله . ثم إن تعذر : ففي بيت المال . وإن تعذر الإنفاق من بيت المال : بيع ولا بد . قاله الحارثي . قلت : فيعايى بها أيضا . وإن مات العبد : فمؤنة تجهيزه على ما قلنا في نفقته على ما تقدم . وإن كان الوقف لا روح فيه كالعقار ، ونحوه : لم تجب عمارته على أحد مطلقا . على الصحيح من المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وجزم به الحارثي وغيره [ ص: 72 ] قال في الفروع : وهو قول غير الشيخ تقي الدين كالطلق . قال في التلخيص : إلا من يريد الانتفاع به ، فيعمره باختياره . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : يجب عمارة الوقف بحسب البطون .

التالي السابق


الخدمات العلمية