الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن وقف على أولاده . ثم على المساكين . فهو لولده الذكور والإناث بالسوية ) . نص عليه . ولا أعلم فيه خلافا . لكن لو حدث للواقف ولد بعد وقفه : ففي دخوله روايتان . وأطلقهما في الفروع ، والقواعد الفقهية في القاعدة السابعة بعد المائة .

إحداهما : يدخل معهم . اختاره ابن أبي موسى . وأفتى به ابن الزاغوني . وهو ظاهر كلام القاضي ، وابن عقيل .

والرواية الثانية : لا يدخل معهم . وهو المذهب . قدمه في الفروع ، والمحرر والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والنظم ، وغيرهم . وجزم به في المنور ، وغيره . والوصية كذلك .

قوله ( ولا يدخل ولد البنات ) . هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به في المحرر ، والنظم ، والوجيز ، وغيرهم . قال المصنف ، والشارح : لا يدخلون بغير خلاف . وقدمه في الفروع ، والفائق ، وغيرهم . وصححه في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والنظم . وقيل : يدخلون أبو بكر بن حامد . قال الحارثي : وإذا قيل بدخول ولد الولد : هل يدخل ولد البنات ؟ . جزم المصنف وغيره هنا بعدم الدخول ، مع إيرادهم الخلاف فيه فيما إذا قال " على أولاد الأولاد " كما في الكتاب . [ ص: 75 ] قال : والصواب التسوية بين الصورتين . فيطرد في هذه ما في الأخرى ، لتناول الولد والأولاد للبطن الأول ، فما بعده .

قوله ( وهل يدخل فيه ولد البنين ؟ على روايتين ) . ظاهر كلامه : أنهم سواء كانوا موجودين حالة الوقف أو لا . ولا شك أن الخلاف جار فيهم .

إحداهما : يدخلون مطلقا . وهو المذهب . نص عليه في رواية المروذي ، ويوسف بن موسى ، ومحمد بن عبد الله المنادي . وجزم به في الوجيز ، وغيره . قال الحارثي : المذهب دخولهم . قال الناظم : وهو أولى . وقدمه في التلخيص ، والحارثي ، وصاحب القواعد الفقهية في القاعدة الثالثة والخمسين بعد المائة ، وشرح ابن رزين . واختاره الخلال ، وأبو بكر عبد العزيز ، وابن أبي موسى ، وأبو الفرج الشيرازي ، والقاضي فيما علقه بخطه على ظهر خلافه ، وغيرهم .

والرواية الثانية : لا يدخلون مطلقا . قال المصنف في باب الوصايا والقاضي ، وابن عقيل : لا يدخلون بدون قرينة . قال المصنف ، والشارح : اختاره القاضي ، وأصحابه . وعنه : يدخلون إن كانوا موجودين حالة الوقف ، وإلا فلا . قدمه في الرعايتين ، والفائق وقال : نص عليه والحاوي الصغير . وذكر القاضي في أحكام القرآن : إن كان ثم ولد : لم يدخل ولد الولد ، وإن لم يكن ولد : دخل . واستشهد بآية المواريث . [ ص: 76 ] وأطلق الخلاف في الفروع في الموجودين حالة الوقف . وقدم عدم الدخول في غير الموجودين . وهذا مستثنى مما اصطلحنا عليه في أول الكتاب . فعلى القول بعدم الدخول : قال القاضي ، والمصنف ، والشارح ، وابن حمدان وغيرهم : إن قال " على ولدي ، وولد ولدي . ثم على المساكين " دخل البطن الأول والثاني ، ولم يدخل البطن الثالث . وإن قال " على ولدي وولد ولد ولدي " دخل ثلاث بطون ، دون من بعدهم . قال الحارثي : وهو وفق رواية أبي طالب .

تنبيهان .

الأول : حيث قلنا بدخولهم ، فلا يستحقون إلا بعد آبائهم مرتبا . على الصحيح من المذهب . لقوله " بطنا بعد بطن ، أو الأقرب فالأقرب " . قدمه في الفائق ، وقال : هو ظاهر كلامه . قال في الفروع : والأصح مرتبا . وصححه في النظم أيضا . وقيل : يستحقون معهم . وأطلقهما في القواعد . وقال : وفي " الترتيب " فهل هو ترتيب بطن على بطن ، فلا يستحق أحد من ولد الولد شيئا ، مع وجود فرد من الأولاد . أو ترتيب فرد على فرد . فيستحق كل ولد نصيب والده بعد فقده ؟ على وجهين .

والثاني : منصوص الإمام أحمد رحمه الله . انتهى .

الثاني : حكم ما إذا أوصى لولده في دخول ولد بنيه : حكم الوقف . قاله في الفروع ، وغيره . [ ص: 77 ] وحكاه في القواعد عن الأصحاب . قال : وذكر أبو الخطاب : أن الإمام أحمد رحمه الله نص على دخولهم . والمعروف عن الإمام أحمد : إنما هو في الوقف . وأشار الشيخ تقي الدين رحمه الله إلى دخولهم في الوقف دون الوصية . لأن الوقف يتأبد ، والوصية تمليك للموجودين . فيختص بالطبقة العليا الموجودة . فوائد

إحداهما : لو قال " على ولد فلان وهم قبيلة " أو قال " على أولادي وأولادهم " فلا ترتيب . وسأله ابن هانئ : عمن وقف شيئا على فلان مدة حياته ولولده ؟ قال : هو له حياته . فإذا مات فلولده . وإذا قال " على ولدي . فإذا انقرضوا . فللفقراء " شمله على الصحيح . وقيل : لا يشمله .

الثانية : لو اقترن باللفظ ما يقتضي الدخول : دخلوا بلا خلاف . كقوله " على أولادي وهم قبيلة " أو " على أولاد أولاد أولادي أبدا ما تعاقبوا وتناسلوا " أو " على أولادي " وليس له إلا أولاد أولاد . أو " على أولادي : الأعلى فالأعلى " أو " تحجب الطبقة العليا الطبقة السفلى " وما أشبه هذا . وإن اقتضى عدم الدخول : لم يدخلوا بلا خلاف . " كعلى ولدي لصلبي " أو " الذين يلونني " ونحو ذلك ، على ما يأتي في قوله " ولدي لصلبي " . الثالثة : لو قال " على أولادي . فإذا انقرض أولادي وأولاد أولادي : فعلى المساكين " . فقال في المجرد ، والكافي : يدخل أولاد الأولاد . لأن اشتراط انقراضهم دليل إرادتهم بالوقف . وقدمه في الرعايتين . [ ص: 78 ] وفي الكافي وجه : بعدم الدخول . لأن اللفظ لا يتناولهم . فهو منقطع الوسط . يصرف بعد انقراض أولاده مصرف المنقطع . فإذا انقرض أولادهم : صرف إلى المساكين . وأطلقهما في الحاوي الصغير .

التالي السابق


الخدمات العلمية