الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما بيان ماهية الضمان الواجب بهذه الجناية وكيفيته فالواجب بهذه الجناية ما هو الواجب بجنسها من جناية الحافر ، ومن في معناه ، وجناية السائق والقائد والناخس ، وهو ما ذكرنا أن الجناية إن كانت على بني آدم وكانت نفسا - فالواجب بها الدية ، وإن كانت ما دون النفس فالواجب بها الأرش فإذا بلغ الواجب بها نصف عشر دية الذكر ، وهو عشر دية الأنثى فما فوقه تتحمله العاقلة ، ولا تتحمل ما دون ذلك ، ولا ما يجب بالجناية على غير بني آدم بل يكون في ماله ; لما بينا فيما تقدم إلا أن ظهور الملك لصاحب الحائط في الدار عند الإنكار بحجة مطلقة ، وهي البينة شرط تحمل العاقلة ، حتى لو أنكرت العاقلة كون الدار ملكا لصاحب الحائط لا عقل عليهم حتى يقيم صاحب الدار البينة على الملك كذا ذكر محمد - رحمه الله - فقال : لا تضمن العاقلة حتى يشهد الشهود على ثلاثة أشياء : على التقديم إليه من سقوط الحائط ، وعلى أن الدار له يريد به عند الإنكار ، أما الشهادة على الملك فلأن الملك ، وإن كان ثابتا له بظاهر اليد لكن الظاهر لا يستحق به حق على غيره ; إذ هو حجة للدفع لا حجة الاستحقاق لحياة المفقود وغير ذلك فلا بد من الإثبات بالبينة ، وعند زفر - رحمه الله - تتحمل العاقلة بظاهر اليد ، وهو على الاختلاف الذي ذكرنا في الشفعة ، ( وأما ) الشهادة على المطالبة [ ص: 286 ] لأن المطالبة شرط وجوب الضمان لما ذكرنا فيما تقدم - فلا بد من إثباتها بالبينة عند الإنكار .

                                                                                                                                ( وأما ) الشهادة على الموت من سقوط الحائط فلأن به يظهر سبب وجوب الضمان ، وهو التعدي ; لأنه ما لم يعلم أنه مات من السقوط لا يعلم كون صاحب الحائط متعديا عليه والله - سبحانه وتعالى - أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية