الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4825 (7) باب في رفع العلم وظهور الجهل

                                                                                              [ 2604 ] عن أنس بن مالك قال: ألا أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يحدثكم أحد بعدي سمعه منه: " إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويفشو الزنا، ويشرب الخمر، ويذهب الرجال، وتبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد".

                                                                                              رواه أحمد ( 3 \ 176 )، والبخاري (80)، ومسلم (2671) (9)، والترمذي (2206)، وابن ماجه (4045).

                                                                                              [ 2605 ] وعن أبي موسى وعبد الله بن مسعود قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين يدي الساعة أياما يرفع فيها العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرج ! والهرج : القتل.

                                                                                              رواه أحمد ( 1 \ 389 )، والبخاري (7062)، ومسلم (2672) (10)، والترمذي (2201).

                                                                                              [ 2606 ] وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يتقارب الزمن، ويقبض العلم، وتظهر الفتن، ويلقى الشح، ويكثر الهرج" قالوا: وما الهرج؟ قال: "القتل".

                                                                                              رواه أحمد ( 2 \ 233 )، والبخاري (89)، ومسلم (157) في كتاب العلم (11)، وأبو داود (4255)، وابن ماجه (4052).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (7 و 8 و 9) ومن باب : رفع العلم وظهور الجهل

                                                                                              ( قول أنس - رضي الله عنه - : ألا أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يحدثكم أحد بعدي ) إنما قال ذلك لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانوا انقرضوا في ذلك الوقت ، فلم يبق منهم غيره ؛ فإنه من آخرهم موتا ، توفي بالبصرة سنة ثلاث وتسعين ، على ما قاله خليفة بن خياط . وقيل : كان سنه يوم مات مائة سنة [ ص: 705 ] وعشر سنين ، وقيل أقل من ذلك ، والأول أكثر ، وكان ذلك ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك .

                                                                                              و (قوله : " إن من أشراط الساعة ") أي : من علامات قرب يوم القيامة ، وقد تقدم القول في الأشراط ، وأنها منقسمة إلى ما يكون من قبيل المعتاد ، وإلى ما لا يكون كذلك ، بل خارقا للعادة على ما يأتي إن شاء الله تعالى .

                                                                                              و (قوله : " أن يرفع العلم ، ويظهر الجهل ") وقد بين كيفية رفع العلم وظهور الجهل في حديث عبد الله بن عمرو الذي قال فيه : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء . . . الحديث " . وهو نص في أن رفع العلم لا يكون بمحوه من الصدور ، بل بموت العلماء وبقاء الجهال الذين يتعاطون مناصب العلماء في الفتيا والتعليم ، يفتون بالجهل ويعلمونه ، فينتشر الجهل ويظهر ، وقد ظهر ذلك ووجد على نحو ما أخبر صلى الله عليه وسلم ، فكان ذلك دليلا من أدلة نبوته ، وخصوصا في هذه الأزمان ؛ إذ قد ولي المدارس والفتيا كثير من الجهال والصبيان وحرمها أهل ذلك الشأن ، غير أنه قد جاء في كتاب الترمذي عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء ما يدل على أن الذي يرفع هو العمل . قال أبو الدرداء - رضي الله عنه - : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فشخص ببصره إلى السماء ، ثم [ ص: 706 ] قال : " هذا أوان يختلس فيه العلم من الناس ، حتى لا يقدروا منه على شيء " . فقال زياد بن لبيد الأنصاري : وكيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن ؛ فوالله لنقرأنه ، ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا ، فقال : " ثكلتك أمك يا زياد ، إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة . هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى ، فماذا تغني عنهم ؛ " . قال : فلقيت عبادة بن الصامت ، فقلت : ألا تسمع إلى ما يقول أخوك أبو الدرداء ، فأخبرته بالذي قال أبو الدرداء . قال : صدق أبو الدرداء ، إن شئت لأحدثنك بأول علم يرفع : الخشوع ، يوشك أن تدخل مسجد الجامع فلا ترى فيه رجلا خاشعا .

                                                                                              قال : هذا حديث حسن غريب ، وقد خرجه النسائي من حديث جبير بن نفير أيضا عن عوف بن مالك الأشجعي من طرق صحيحة .




                                                                                              الخدمات العلمية