الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                صفحة جزء
                                                                                5500 ( 6 ) حديث المعراج حين أسري بالنبي عليه السلام

                                                                                ( 1 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا الحسن بن موسى بن الأشيب قال حدثنا حماد بن سلمة قال : أخبرنا ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتيت بالبراق وهو دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه ، فركبته فسار بي حتى أتيت بيت المقدس فربطت الدابة بالحلقة التي كان يربط بها الأنبياء ، ثم دخلت فصليت فيه ركعتين ، ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن ؛ فاخترت اللبن ، فقال جبريل : أصبت الفطرة قال : ثم عرج بنا إلى السماء الدنيا فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ فقال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، فقيل : وقد أرسل إليه ؟ فقال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب ودعا لي [ ص: 444 ] بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل : ومن أنت ؟ قال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، فقيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى فرحبا ودعوا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل : ومن أنت ؟ فقال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بيوسف وإذا هو قد أعطي شطر الحسن فرحب ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل فقيل : ومن أنت ؟ فقال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم فقيل : وقد أرسل إليه ؟ فقال : قد أرسل إليه ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحب ودعا لي بخير ، ثم قال : يقول الله ورفعناه مكانا عليا ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ فقال : محمد ، فقيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بهارون فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال محمد ، فقيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بموسى فرحب ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، فقيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم وإذا هو مسند إلى البيت المعمور ، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ، ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى فإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها أمثال القلال ، فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت ، فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها ، قال : فأوحى الله إلي ما أوحى ، وفرض علي في كل يوم وليلة خمسين صلاة ، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال : ما فرض ربك على أمتك ؟ قال : قلت : خمسين صلاة في كل يوم وليلة ، فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم ، قال : فرجعت إلى ربي فقلت له : رب خفف عن أمتي ، فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقال : ما فعلت ؟ فقلت : حط عني خمسا ، قال : إن أمتك لا تطيق ذلك ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى عليه السلام فيحط عني خمسا خمسا حتى قال : يا محمد هي خمس صلوات في كل يوم وليلة ، بكل صلاة عشر ، فتلك خمسون صلاة ، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا ، ومن هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب له شيئا ، [ ص: 445 ] فإن عملها كتبت سيئة واحدة ، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد رجعت إلى ربي حتى استحييت .

                                                                                ( 2 ) حدثنا أبو أسامة عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو منه أو شبيه به .

                                                                                ( 3 ) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن زرارة بن أوفى قال : قال ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما كان ليلة أسري بي أصبحت بمكة ، قال : فظعت بأمري وعرفت أن الناس مكذبي ، فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم معتزلا حزينا فمر به أبو جهل فجاء حتى جلس إليه فقال كالمستهزئ : هل كان من شيء ؟ قال نعم ، قال : وما هو ؟ قال : أسري بي الليلة قال : إلى أين ؟ قال : إلى بيت المقدس : قال : ثم أصبحت بين أظهرنا ؟ قال : نعم ، فلم يرد أنه يكذبه مخافة أن يجحد الحديث إن دعا قومه إليه ، قال : أتحدث قومك ما حدثتني إن دعوتهم إليك ؟ قال : نعم ، قال ، هيا معشر بني كعب بن لؤي هلم ، قال : فتنفضت المجالس فجاءوا حتى جلسوا إليهما فقال : حدث قومك ما حدثتني ، قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أسري بي الليلة ، قالوا : إلى أين ؟ قال : إلى بيت المقدس ، قالوا : ثم أصبحت بين ظهرانينا ؟ قال : نعم ، قال : فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على رأسه متعجبا للكذب زعم ، وقالوا : أتستطيع أن تنعت لنا المسجد ؟ قال : وفي القوم من سافر إلى ذلك البلد ورأى المسجد ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذهبت أنعت لهم ، فما زلت أنعت حتى التبس علي بعض النعت ، فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتى وضع دون دار عقيل أو دار عقال ، فنعته وأنا أنظر إليه ، فقال القوم : أما النعت فوالله لقد أصاب .

                                                                                ( 4 ) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن حذيفة بن اليمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بالبراق هو دابة أبيض طويل يضع حافره عند منتهى طرفه ، قال : فلم يزايل ظهره هو وجبريل حتى أتيا بيت المقدس ؟ وفتحت لهما أبواب السماء رأيا الجنة والنار قال : وقال حذيفة : ولم يصل في بيت المقدس ، قال زر : فقلت : بلى قد صلى ، قال حذيفة : ما اسمك يا أصلع فإني أعرف وجهك ولا أدري ما اسمك ؟ قال : قلت [ ص: 446 ] زر بن حبيش ، قال : فقال : وما يدريك وهل تجده صلى ؟ قال : قلت : يقول الله : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير قال : وهل تجده صلى ، أنه لو صلى فيه صلينا فيه كما نصلي في المسجد الحرام ، وقيل لحذيفة : وربط الدابة بالحلقة التي يربط بها الأنبياء ؟ فقال حذيفة : أوكان يخاف أن تذهب وقد آتاه الله بها ؟ .

                                                                                ( 5 ) حدثنا الحسن بن موسى قال : حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي الصلت عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت ليلة أسري بي لما انتهينا إلى السماء السابعة فنظرت فوقي فإذا أنا برعد وبرق وصواعق ، قال : وأتيت على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ، قال ، هؤلاء أكلة الربا ، فلما نزلت إلى السماء الدنيا نظرت أسفل مني فإذا برهج ودخان وأصوات ، فقلت ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذه الشياطين يحومون على أعين بني آدم ، لا يتفكروا في ملكوت السماوات والأرض ، ولولا ذاك لرأوا العجائب .

                                                                                ( 6 ) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا سليمان التيمي وثابت البناني عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتيت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره .

                                                                                ( 7 ) حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، فقلت : من هؤلاء ؟ قيل : هؤلاء خطباء من أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون .

                                                                                ( 8 ) حدثنا علي بن مسهر عن أبي إسحاق الشيباني عن عبد الله بن شداد قال : لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم أتي بدابة فوق الحمار ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه ، يقال له براق فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعير للمشركين فنفرت فقالوا : يا هؤلاء ما هذا ؟ قالوا : ما نرى شيئا ، ما هذه إلا ريح ، حتى أتى بيت المقدس فأتي بإناءين في واحد خمر وفي الآخر لبن ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم اللبن فقال له جبريل : هديت وهديت أمتك ثم صار إلى مضر .

                                                                                [ ص: 447 ] حدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما انتهيت إلى السدرة إذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا نبقها أمثال القلال ، فلما غشيها من أمر الله ما غشي تحولت فذكر الياقوت .

                                                                                ( 10 ) حدثنا ابن يمان عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن غزوان قال : سدرة المنتهى صبر الجنة .

                                                                                ( 11 ) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن الحسن العرني عن هذيل بن شرحبيل عن عبد الله في قوله : سدرة المنتهى قال : صبر الجنة يعني وسطها ، عليها فضول السندس والإستبرق .

                                                                                ( 12 ) حدثنا أبو خالد عن يحيى بن ميسرة عن عمرو بن مرة عن كعب قال : سدرة المنتهى ينتهي إليها أمر كل نبي وملك .

                                                                                التالي السابق


                                                                                الخدمات العلمية