الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3414 حدثنا ابن أبي خلف حدثنا محمد بن سابق عن إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر أنه قال أفاء الله على رسوله خيبر فأقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانوا وجعلها بينه وبينهم فبعث عبد الله بن رواحة فخرصها عليهم حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا حدثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق وزعم أن اليهود لما خيرهم ابن رواحة أخذوا الثمر وعليهم عشرون ألف وسق

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( لما أفاء الله ) : أي رد ، والفيء ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد ، وأصله الرجوع ( فأقرهم ) : أي أهل خيبر أي أثبتهم ( وجعلها ) : أي خيبر ( بينه وبينهم ) : أي على التناصف كما في الصحيحين عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع ( فخرصها عليهم ) : قال الزرقاني : أي لتمييز حق الزكاة من غيرها لاختلاف المصرفين ، أو للقسمة لاختلاف الحاجة كما مر . وفيه جواز [ ص: 220 ] التخريص لذلك ، وبه قال الأكثر ، ولم يجزه سفيان الثوري بحال . وفيه جواز المساقاة ، ومنعها أبو حنيفة مستدلا بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر ، والأجرة هنا فيهما غرر إذ لا يدرى هل تسلم الثمرة أم لا ، وعلى سلامتها لا يدرى كيف تكون وما مقدارها . وأجيب بأن حديث الجواز خاص والنهي عن الغرر عام والخاص يقدم على العام ، وقال : إن الخبر إذا ورد على خلاف القواعد رد إليها ، وحديث الجواز على خلاف ثلاث قواعد ؛ بيع الغرر ، والإجارة بمجهول ، وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها ، والكل حرام إجماعا . وأجيب بأن الخبر إنما يجب رده إلى القواعد إذا لم يعمل به ، أما إذا عمل به قطعنا بإرادة معناه فيعتقد ، ولا يلزم الشارع إذا شرع حكما أن يشرعه مثل غيره ، بل له أن يشرع ما له نظير وما لا نظير له ، فدل ذلك على أنها مستثناة من تلك الأصول للضرورة ، إذ لا يقدر كل أحد على القيام بشجره ولا زرعه . وقال مالك : السنة في المساقاة أنها تكون في أصل كل نخل أو كرم أو زيتون أو رمان أو ما أشبه ذلك من الأصول جائز لا بأس به ، على أن لرب المال نصف الثمر أو ثلثه أو ربعه أو أكثر من ذلك أو أقل ، والمساقاة أيضا تجوز في الزرع إذا خرج من الأرض واستقل فعجز صاحبه عن سقيه وعمله وعلاجه فالمساقاة في ذلك أيضا جائز . انتهى كلام مالك .

                                                                      ومنعها الشافعي إلا في النخل والكرم لأن ثمرهما بائن من شجره يحيط النظر به قال ابن عبد البر : وهذا ليس ببين ، لأن الكمثرى والتين والرمان والأترج وشبه ذلك يحيط النظر بها وإنما العلة له أن المساقاة إنما تجوز فيما يخرص والخرص لا يجوز إلا فيما وردت به السنة فأخرجته عن المزابنة كما أخرجت العرايا عنها النخل والعنب خاصة انتهى كلامه . والحديث سكت عنه المنذري . ( أربعين ألف وسق ) : بفتح الواو وسكون السين هو ستون صاعا .

                                                                      والحديث سكت عنه المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية