الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      قتيبة بن مسلم

                                                                                      ابن عمرو بن حصين بن ربيعة الباهلي ، الأمير أبو حفص ، أحد الأبطال والشجعان ، ومن ذوي الحزم والدهاء والرأي والغناء ، وهو الذي فتح خوارزم وبخارى ، وسمرقند ، وكانوا قد نقضوا وارتدوا ، ثم إنه افتتح فرغانة ، وبلاد الترك في سنة خمس وتسعين .

                                                                                      ولي خراسان عشر سنين ، وله رواية عن عمران بن حصين ، وأبي سعيد الخدري .

                                                                                      ولما بلغه موت الوليد ، نزع الطاعة ، فاختلف عليه جيشه ، وقام عليه رئيس تميم وكيع بن حسان ، وألب عليه ، ثم شد عليه في عشرة من فرسان تميم فقتلوه في ذي الحجة سنة ست وتسعين . وعاش ثمانيا وأربعين سنة .

                                                                                      وقد قتل أبوه الأمير أبو صالح مع مصعب .

                                                                                      وباهلة قبيلة منحطة بين العرب ، قال الشاعر : ولو قيل للكلب يا باهلي عوى الكلب من لوم هذا النسب

                                                                                      [ ص: 411 ] وقال آخر : وما ينفع الأصل من هاشم إذا كانت النفس من باهله

                                                                                      قيل : إن قتيبة قال لهبيرة : أي رجل أنت لولا أن أخوالك من سلول ، فلو بادلت بهم . قال : أيها الأمير ، بادل بهم من شئت ، وجنبني باهلة .

                                                                                      وقيل لأعرابي : أيسرك أنك باهلي وتدخل الجنة ؟ قال : إي والله ، بشرط أن لا يعلم أهل الجنة أني باهلي .

                                                                                      ولقي أعرابي آخر فقال : ممن أنت ؟ قال : من باهلة . فرثى له . فقال : أزيدك : إني لست من أنفسهم ، بل من مواليهم ، فأخذ الأعرابي يقبل يديه ويقول : ما ابتلاك الله بهذه الرزية إلا وأنت من أهل الجنة .

                                                                                      قلت : لم ينل قتيبة أعلى الرتب بالنسب ، بل بكمال الحزم والعزم والإقدام ، والسعد ، وكثرة الفتوحات ، ووفور الهيبة ، ومن أحفاده الأمير سعيد بن مسلم بن قتيبة الذي ولي إرمينية ، والموصل ، والسند ، وسجستان ، وكان فارسا جوادا ، له أخبار ومناقب ، مات زمن المأمون سنة سبع عشرة ومائتين .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية