الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب فيمن يعين على خصومة من غير أن يعلم أمرها

                                                                      3597 حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا عمارة بن غزية عن يحيى بن راشد قال جلسنا لعبد الله بن عمر فخرج إلينا فجلس فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال حدثنا علي بن الحسين بن إبراهيم حدثنا عمر بن يونس حدثنا عاصم بن محمد بن زيد العمري حدثني المثنى بن يزيد عن مطر الوراق عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه قال ومن أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب من الله عز وجل

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( من حالت ) من الحيلولة أي : حجبت ( شفاعته دون حد ) أي : عنده ، [ ص: 5 ] والمعنى من منع بشفاعته حدا . قال الطيبي : أي : قدام حد فيحجز عن الحد بعد وجوبه عليه بأن بلغ الإمام ( فقد ضاد الله ) أي : خالف أمره ، لأن أمره إقامة الحدود ، قاله القاري . وقال في فتح الودود : أي حاربه وسعى في ضد ما أمر الله به ( ومن خاصم ) أي : جادل أحدا ( في باطل وهو يعلمه ) أي : يعلم أنه باطل ، أو يعلم نفسه أنه على الباطل ، أو يعلم أن خصمه على الحق ، أو يعلم الباطل ، أي : ضده الذي هو الحق ويصر عليه ( حتى ينزع عنه ) أي : يترك وينتهي عن مخاصمته يقال : نزع عن الأمر نزوعا إذا انتهى عنه ( ما ليس فيه ) أي : من المساوئ ( ردغة الخبال ) قال في النهاية بفتح الراء وسكون الدال المهملة وفتحها هي طين ووحل كثير ، وجاء تفسيرها في الحديث أنها عصارة أهل النار . وقال في حرف الخاء : في الأصل الفساد ، وجاء تفسيره في الحديث أن الخبال عصارة أهل النار .

                                                                      قلت : فالإضافة في الحديث للبيان . وقال في فتح الودود : قلت : والأقرب أن يراد بالخبال العصارة ، والردغة الطين الحاصل باختلاط العصارة بالتراب انتهى ( حتى يخرج مما قال ) قال القاضي : وخروجه مما قال أن يتوب عنه ويستحل من المقول فيه . وقال الأشرف : ويجوز أن يكون المعنى أسكنه الله ردغة الخبال ما لم يخرج من إثم ما قال ، فإذا خرج من إثمه أي : إذا استوفى عقوبة إثمه ، لم يسكنه الله ردغة الخبال ، بل ينجيه الله تعالى منه ويتركه . قال الطيبي : ( حتى ) على ما ذهب إليه القاضي غاية فعل المغتاب فيكون في الدنيا ، فيجب التأويل في قوله أسكنه ردغة الخبال بسخطه وغضبه الذي هو سبب في إسكانه ردغة الخبال كذا في المرقاة . والحديث سكت عنه المنذري .

                                                                      ( من أعان على خصومة بظلم ) في معنى ذلك ما أخرجه الطبراني في الكبير [ ص: 6 ] من حديث أوس بن شرحبيل أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام ( فقد باء ) أي : انقلب ورجع .

                                                                      قال المنذري : في إسناده مطر بن طهمان الوراق قد ضعفه غير واحد ، وفيه أيضا المثنى بن يزيد الثقفي وهو مجهول .

                                                                      15 - باب في شهادة الزور




                                                                      الخدمات العلمية