الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
م14 - واختلفوا : فيما إذا نذر صلاة .

فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى روايتيه : يلزمه ركعتان .

وعن أحمد رواية أخرى : يلزمه ركعة . وعن الشافعي كالمذهبين .

قال الوزير رحمه الله :

فهذه العبادات الخمس التي دل عليها الحديث - قد ذكرنا فيها من المسائل ما نرجو أن تكون أصولا لما لم نذكره ، يستنبط منها ، ويقاس عليها ، بحيث إنه إذا نظر ذو الفهم الموفق فيه ، عرف به ما لم نذكره ، إن شاء الله تعالى .

فأما ما يدل عليه باطن الحديث ، ويشير إليه بدليل خطابه ، فهو أن قوله صلى الله عليه وسلم في إقام [ ص: 615 ] الصلاة : «فإن أقام الصلاة » فبما يفهم كل ذي لب ، لا يتصور من العبد إلا بقوة يخلقها الله عز وجل في بدنه ، وأنه سبحانه أجرى العادة بأن تلك القوة لا تدوم إلا بمادة ، وأن المادة يكون تحصيلها عن كسب الآدمي ، وإن كسب الآدمي يكون فيما أباحه الله تعالى من السعي في وجوه المعاملات : من البيع ، والتجارة ، والتصرف .

وكل ذلك لا يباح للمسلم أن يفعل شيئا منه إلا بموجب الشرع المأذون له فيه ، فيخرج من هذا الحاجة إلى علوم المعاملات .

ومن هذا أيضا يستنبط الإنسان لم أمر بإقام الصلاة ، ولم يقيد ذلك بإقامة صلاته ، كان محمل القول نادبا له ، إلى أن يكون مقيما للصلاة في الأرض كلها ، وإلى يوم القيامة فيكون مقيما للصلاة في عمره حال حياته ، ثم إنه يسعى في ترك ذريته بعده ، تقيم الصلاة في الأرض عند خروجه من الدنيا ، وذلك يقتضي النكاح والتناسل .

وإن النكاح يتشعب علمه إلى ما يحل نكاحه ، وما لا يحل ، وعشرة النساء ، والعدة ، والحيض ، والطلاق ، وغير ذلك مما يشتمل عليه علوم الأنكحة .

ولما كان من أحوال العباد في هذه الدنيا أن الصلاة تحتاج إلى طمأنينة فيها ، وظهور يد لإقامتها ، والمدافعة لمن ينهى عنها من المشركين ، كان الجهاد لازما ، فوجب ذكر علمه .

ولما كان مما أخبر الله عز وجل أن الخلطاء يبغي بعضهم على بعض ، وأن الجنايات في ذلك ، والخصومات تفضي إلى تنازع ، ولا بد فيه من قضايا تفصله ، وقصاص وحكومات في جراح تنشأ عن هذه الخصومات ، كان حينئذ تولية القضاء ، وترتيب الشهود ، وأروش الجنايات ، والقصاص متعلقا كله بالحياة ، كما قال الله عز وجل : ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون [البقرة : 179 ] .

والعبادة إنما تصح بالحياة ، وكان هذا كله يتعين في الصلاة ، وكذلك في الصيام والزكاة والحج ، وإنما تحصل الأموال التي تؤخذ منها الزكوات بالمعاملات ، فتطيب بالزكاة .

ونحن - إن شاء الله - نشرع في ذكر المعاملات ، ثم نأتي بباقي الأشياء من البيوع والنكاح إلى غير ذلك من أبواب المعاملات ، على ترتيب الفقهاء .

والله تعالى المستعان . . . وعليه التكلان . .

التالي السابق


الخدمات العلمية