الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ القسم الثاني ]

القول في القصاص

والنظر في القصاص هو في صفة القصاص ، وممن يكون ؟ ، ومتى يكون ؟

فأما صفة القصاص في النفس ، فإن العلماء اختلفوا في ذلك ، فمنهم من قال : يقتص من القاتل على الصفة التي قتل ، فمن قتل تغريقا قتل تغريقا ، ومن قتل بضرب بحجر قتل بمثل ذلك ، وبه قال مالك والشافعي ، قالوا : إلا أن يطول تعذيبه بذلك فيكون السيف له أروح . واختلف أصحاب مالك فيمن حرق آخر ، هل يحرق مع موافقتهم لمالك في احتذاء صورة القتل ؟ وكذلك فيمن قتل بالسهم . وقال أبو حنيفة وأصحابه : بأي وجه قتله لم يقتل إلا بالسيف .

وعمدتهم ما روى الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا قود إلا بحديدة " . وعمدة الفريق الأول حديث أنس " أن يهوديا رضخ رأس امرأة بحجر ، فرضخ النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه بحجر ، أو قال : بين حجرين " ، وقوله ( كتب عليكم القصاص في القتلى ) والقصاص يقتضي المماثلة .

وأما ممن يكون القصاص فالظاهر أنه من ولي الدم ، وقد قيل : إنه لا يمكن منه لمكان العداوة مخافة أن يجور فيه .

وأما متى يكون القصاص فبعد ثبوت موجباته ، والإعذار إلى القاتل في ذلك إن لم يكن مقرا .

واختلفوا هل من شرط القصاص أن لا يكون الموضع الحرم .

وأجمعوا على أن الحامل إذا قتلت عمدا أنه لا يقاد منها حتى تضع حملها .

واختلفوا في القاتل بالسم ، والجمهور على وجوب القصاص ، وقال بعض أهل الظاهر : لا يقتص منه من أجل أنه - عليه الصلاة والسلام - سم هو وأصحابه ، فلم يتعرض لمن سمه . كمل كتاب القصاص في النفس .

التالي السابق


الخدمات العلمية