الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8729 ) فصل : فإن شرط عليه في الكتابة أن لا يسافر ، فقال القاضي : الشرط باطل . وهو قول الحسن ، وسعيد بن جبير ، والشعبي ، والنخعي ، وأبي حنيفة ; لأنه ينافي مقتضى العقد ، فلم يصح شرطه ، كشرط ترك الاكتساب ، ولأنه غريم ، فلم يصح شرط ترك السفر عليه ، كما لو أقرضه رجل قرضا بشرط أن لا يسافر . وقال أبو الخطاب يصح الشرط ، وله منعه من السفر . وهو قول مالك ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { المسلمون على شروطهم . } ولأنه شرط له فيه فائدة ، فلزم كما لو شرط نقدا معلوما . وبيان فائدته ، أنه لا يأمن إباقه وأنه لا يرجع إلى سيده ، فيفوت العبد والمال الذي عليه ، ويفارق القرض فإنه عقد جائز من جانب المقرض ، متى شاء طالب بأخذه ، ومنع الغريم السفر قبل إيفائه فكان المنع من السفر حاصلا بدون شرطه بخلاف الكتابة فإنه لا يمكن السيد منعه من السفر إلا بشرطه وفيه حفظ عبده وماله ، فلا يمنع من تحصيله . وهذا أصح ، إن شاء الله تعالى ، وأولى .

                                                                                                                                            فعلى هذا الوجه ، لسيده منعه من السفر ، فإن سافر بغير إذنه ، فله رده إن أمكنه ، وإن لم يمكنه رده ، احتمل أن له تعجيزه ، ورده إلى الرق ; لأنه لم يف بما شرطه عليه ، أشبه ما لو لم يف بأداء الكتابة . واحتمل أن لا يملك ذلك ; لأنه مكاتب كتابة صحيحة ، لم يظهر عجزه ، فلم يملك تعجيزه ، كما لو لم يشترط عليه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية