الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مطلب : هل المراد بما أبيح به الكذب التورية أو مطلقا ؟ .

والحاصل أن الكذب مذموم ، وفاعله من الخير محروم . وإنما يباح لما ذكرنا . وقد اختلف علماؤنا هل الكذب في هذه المواضع المراد به التورية أو مطلقا .

فرواية حنبل عن الإمام تدل على تحريم الكذب ابتداء . ورواية ابن منصور تدل على الإطلاق ، لكن الإطلاق ظاهر كلام الأصحاب . قال الحجاوي وهو الصحيح ، وهو الذي رجحه ابن مفلح في الآداب الكبرى . وروى الشيخان عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ليس الكذاب الذي يصلح بين اثنين ، أو قال بين الناس فيقول خيرا أو ينمي خيرا } زاد مسلم قالت ولم أسمعه { يرخص في شيء مما يقول الناس كذبا إلا في ثلاث } ، يعني الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل زوجته وحديث المرأة زوجها . وهو في البخاري من قول ابن شهاب لم أسمع أحدا يرخص في شيء مما يقول الناس كذبا ، وذكره . ولأبي داود والنسائي : { ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث } الحديث .

وأخرج الإمام أحمد عن أسماء بنت يزيد مرفوعا { كل الكذب يكتب على ابن آدم إلا ثلاث خصال : رجل كذب لامرأته ليرضيها ، أو رجل كذب في خديعة حرب ، أو رجل كذب بين امرأين مسلمين ليصلح بينهما } وفي [ ص: 140 ] رواية { لا يحل الكذب } وهي عند الترمذي . وفي أخرى لا يصلح الكذب وقال حديث حسن . فالكذب في الحرب هو أن يظهر من نفسه قوة .

ويتحدث بما يقوي أصحابه ويكيد به عدوه لقوله عليه الصلاة والسلام { الحرب خدعة } وكان إذا أراد غزوة ورى بغيرها . .

التالي السابق


الخدمات العلمية