الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : الهدية على الشفاعة .

                                                                                                                                            روى عبد الله بن أبي جعفر ، عن خالد بن أبي عمران ، عن القاسم بن أبي أمامة " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من شفع لأحد شفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا " .

                                                                                                                                            وهذا الحديث وإن كان مرسلا فسيظهر في الاستدلال به على ما يوجبه حكم الأصول .

                                                                                                                                            ومهاداة الشافع معتبرة بشفاعته ، وهي على ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            [ ص: 288 ] أحدها : أن يشفع في محظور ، من إسقاط حق ، أو معونة على ظلم ، فهو في الشفاعة ظالم وبقبول الهدية عليها آثم ، تحل له الشفاعة ، ولا تحل له الهدية .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يشفع في حق يجب عليه القيام به ، فالشفاعة مستحقة عليه والهدية عليه محظورة : لأن لوازم الحقوق لا يستعجل عليها .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يشفع في مباح لا يلزمه ، فهو بالشفاعة محسن لما فيها من التعاون ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اشفعوا إلي ، ويقضي الله على لسان رسوله ما يشاء " .

                                                                                                                                            وللهدية على هذه الشفاعة ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            إحداها : أن يشترطها الشافع فقبولها محظور عليه : لأنه يستعجل على حسن قد كان منه .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يقول المهدي هذه الهدية جزاء على شفاعتك فقبولها محظور عليه ، كما لو شرطها : لأنها لما جعلت جزاء صارت كالشرط .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يمسك الشافع عن اشتراطها ويمسك المهدي عن الجزاء بها فإن كان مهاديا قبل الشفاعة ، لم يمنع الشافع من قبولها ولم يكره له القبول ، وإن كان غير مهاد قبل الشفاعة كره له القبول ، وإن لم يحرم عليه فإن كافأ عليها لم يكره له القبول .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية