الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما حكمه إذا [ ص: 118 ] فات عن وقته المعين له بأن نذر اعتكاف شهر بعينه أنه إذا فات بعضه قضاه لا غير ولا يلزمه الاستقبال كما في الصوم وإن فاته كله قضى الكل متتابعا ; لأنه لما لم يعتكف حتى مضى الوقت صار الاعتكاف دينا في ذمته فصار كأنه أنشأ النذر باعتكاف شهر بعينه فإن قدر على قضائه فلم يقضه حتى أيس من حياته ; يجب عليه أن يوصي بالفدية لكل يوم طعام مسكين لأجل الصوم لا لأجل الاعتكاف كما في قضاء رمضان والصوم المنذور في وقت بعينه .

                                                                                                                                وإن قدر على البعض دون البعض فلم يعتكف فكذلك إن كان صحيحا وقت النذر فإن كان مريضا وقت النذر فذهب الوقت وهو مريض حتى مات ; فلا شيء عليه وإن صح يوما ; فهو على الاختلاف الذي ذكرناه في الصوم المنذور في وقت بعينه وإذا نذر اعتكاف شهر بغير عينه ; فجميع العمر وقته كما في النذر بالصوم في وقت بغير عينه وفي أي وقت أدى ; كان مؤديا لا قاضيا ; لأن الإيجاب حصل مطلقا عن الوقت وإنما يقتضى عليه الوجوب إذا أيس من حياته وعند ذلك يجب عليه أن يوصي بالفدية كما في قضاء رمضان والصوم المنذور المطلق .

                                                                                                                                فإن لم يوص حتى مات ; سقط عنه في أحكام الدنيا عندنا حتى لا تؤخذ من تركته ولا يجب على الورثة الفدية إلا أن يتبرعوا به .

                                                                                                                                وعند الشافعي لا تسقط وتؤخذ من تركته وتعتبر من جميع المال والمسألة مضت في كتاب الزكاة والله الموفق .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية