الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ( قال الله جل ثناؤه : والذين يبتغون [ ص: 143 ] الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ، قال : ولا يكون الابتغاء من الأطفال ولا المجانين ولا تجوز الكتابة إلا على بالغ عاقل ) .

                                                                                                                                            قال الماوردي : ‌ لا تصح كتابة العبد حتى يكون بالغا عاقلا فإن كان صبيا أو مجنونا لم تصح كتابته ، ووافق أبو حنيفة في المجنون وخالف في الصبي فجوز كتابته إذا كان مميزا بناء على أصله في جواز تصرف الصبي بإذن وليه .

                                                                                                                                            والدليل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم : رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق ، ولأنه غير مكلف فلم تصح كتابته كالمجنون وكالصبي الذي لا يميز الخبر ، والأصل الذي بناه عليه مدفوع .

                                                                                                                                            فإن قيل : فلم لا تجوز كتابته كما يجوز تدبيره ؟ قيل : للفصل بينهما بأن التدبير يجوز أن ينفرد به السيد ، ولا يراعى فيه قول المدبر ، فلم يراع فيه البلوغ .

                                                                                                                                            والعقد ، والكتابة ، لا يجوز أن ينفرد بهما السيد ، ويراعى فيهما قول المكاتب ، فروعي فيها البلوغ والعقل فإن كاتب عن الصبي أبوه لم يجز لعلتين :

                                                                                                                                            إحداهما : أنه مملوك ولايته لسيده دون أبيه .

                                                                                                                                            والثاني : أن الكتابة يملك بها التصرف في العقود والحقوق والصبي ممن لا يصح تصرفه في واحد منهما . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية