الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة الثالثة

وأما هذه الأوقات : ( أعني أوقات الضرورة ) ، فاتفقوا على أنها لأربع : [ ص: 87 ] 1 - للحائض تطهر في هذه الأوقات أو تحيض في هذه الأوقات وهي لم تصلي . 2 - والمسافر يذكر الصلاة في هذه الأوقات وهو حاضر ، أو الحاضر يذكرها فيها وهو مسافر . 3 - والصبي يبلغ فيها . 4 - والكافر يسلم .

واختلفوا في المغمى عليه فقال مالك والشافعي : هو كالحائض من أهل هذه الأوقات ; لأنه لا يقضي عندهم الصلاة التي ذهب وقتها .

وعند أبي حنيفة أنه يقضي الصلاة فيما دون الخمس ، فإذا أفاق عنده من إغمائه متى ما أفاق قضى الصلاة .

وعند الآخر أنه إذا أفاق في أوقات الضرورة لزمته الصلاة التي أفاق في وقتها ، وإذا لم يفق فيها لم تلزمه الصلاة ، وستأتي مسألة المغمى عليه فيما بعد ، واتفقوا على أن المرأة إذا طهرت في هذه الأوقات إنما تجب عليها الصلاة التي طهرت في وقتها ، فإن طهرت عند مالك وقد بقي من النهار أربع ركعات لغروب الشمس إلى ركعة فالعصر فقط لازمة لها وإن بقي خمس ركعات فالصلاتان معا .

وعند الشافعي إن بقي ركعة للغروب ، فالصلاتان معا كما قلنا ، أو تكبيرة على القول الثاني له ، وكذلك الأمر عند مالك في المسافر الناسي يحضر في هذه الأوقات ، أو الحاضر يسافر ، وكذلك الكافر يسلم في هذه الأوقات : ( أعني أنه تلزمهم الصلاة ) وكذلك الصبي يبلغ ، والسبب في أن جعل مالك الركعة جزءا لآخر الوقت ، وجعل الشافعي جزء الركعة حدا مثل التكبيرة منها أن قوله - عليه الصلاة والسلام - " من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر " ، وهو عند مالك من باب التنبيه بالأقل على الأكثر ، وعند الشافعي من باب التنبيه بالأكثر على الأقل ، وأيد هذا بما روي " من أدرك سجدة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر " فإنه فهم من السجدة ههنا جزءا من الركعة ، وذلك على قوله الذي قال فيه : من أدرك منهم تكبيرة قبل الغروب أو الطلوع فقد أدرك الوقت .

ومالك يرى أن الحائض إنما تعتد بهذا الوقت بعد الفراغ من طهرها ، وكذلك الصبي يبلغ ، وأما الكافر يسلم فيعتد له بوقت الإسلام دون الفراغ من الطهر ، وفيه خلاف .

والمغمى عليه عند مالك كالحائض ، وعند عبد الملك كالكافر يسلم ، ومالك يرى أن الحائض إذا حاضت في هذه الأوقات ، وهي لم تصلي بعد أن القضاء ساقط عنها ، والشافعي يرى أن القضاء واجب عليها ، وهو لازم لمن يرى أن الصلاة تجب بدخول أول الوقت ; لأنها إذا حاضت وقد مضى من الوقت ما يمكن أن تقع فيه الصلاة فقد وجبت عليها الصلاة ، إلا أن يقال إن الصلاة إنما تجب بآخر الوقت ، وهو مذهب أبي حنيفة لا مذهب مالك ، فهذا كما ترى لازم لقول أبي حنيفة ( أعني : جاريا على أصوله لا على أصول قول مالك ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية