الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرنا الحسن بن الجهم، قال: أخبرنا الحسين بن الفرج، قال: أخبرنا الواقدي، قال: "وغزوة غطفان كانت في ربيع الأول على رأس خمس [ ص: 168 ] وعشرين شهرا، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخميس لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول فغاب أحد عشر يوما".

                                        قال الواقدي : حدثني محمد بن زياد بن أبي هنيدة، قال: أخبرنا زيد بن أبي عتاب، قال الواقدي : وأخبرنا الضحاك بن عثمان، قال: وحدثني عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر ، عن عبد الله بن أبي بكر،؛ وزاد بعضهم على بعض في الحديث، وغيرهم قد حدثني أيضا، قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعا من غطفان من بني ثعلبة بن محارب بذي أمر قد تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف رسول الله صلى الله عليه وسلم، معهم رجل منهم يقال له دعثور بن الحارث بن محارب، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين، فخرج في أربعمائة رجل وخمسين رجلا ومعهم أفراس فذكر الحديث في مسيره، إلى أن قال: وهربت منه الأعراب فوق ذرى من الجبال، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا أمر وعسكر به، فأصابهم مطر كثير، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته فأصابه ذلك المطر فبل ثوبه، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وادي ذي أمر بينه وبين أصحابه، ثم نزع ثيابه فنشرها لتجف وألقاها على شجرة ثم اضطجع تحتها، والأعراب ينظرون إلى كل ما يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت الأعراب لدعثور، وكان سيدها وأشجعها: قد أمكنك محمد، وقد انفرد من أصحابه حيث إن غوث بأصحابه لم يغث حتى تقتله، فاختار سيفا من سيوفهم صارما ثم أقبل مشتملا على السيف، حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف مشهورا فقال: يا محمد، من يمنعك مني اليوم؟ قال: "الله عز وجل" ، ودفع جبريل في صدره فوقع السيف من يده فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام على رأسه فقال: "من [ ص: 169 ] يمنعك مني؟" قال: لا أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، لا أكثر عليك جمعا أبدا، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه، ثم أدبر ثم أقبل بوجهه ثم قال: والله لأنت خير مني، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أحق بذلك منك" ، فأتى قومه فقالوا: أين ما كنت تقول وقد أمكنك والسيف في يدك؟ قال: قد كان والله ذلك رأيي، ولكن نظرت إلى رجل أبيض طويل فدفع في صدري، فوقعت لظهري فعرفت أنه ملك، وشهدت أن محمدا رسول الله، والله لا أكثر عليه، وجعل يدعو قومه إلى الإسلام، ونزلت هذه الآية: يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم الآية، قال: وكانت غيبته إحدى عشرة ليلة، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان كذا قال الواقدي .

                                        وقد روي في غزوة ذات الرقاع قصة أخرى في الأعرابي الذي قام على رأسه بالسيف وقال: من يمنعك مني؟ فإن كان الواقدي قد حفظ ما ذكر في هذه الغزوة فكأنهما قصتان، والله أعلم.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية