الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3573 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنا أبو القاسم البغوي ، نا علي بن الجعد، أنا شعبة ، عن الحكم، سمعت ميمون بن أبي شبيب، أن رجلا جعل يثني على عامل عند عثمان، فجعل المقداد يحثي في وجهه التراب، فقال له عثمان: ما شأنك؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إذا رأيتم المداحين، فاحثوا في وجوههم التراب".

                                                                            هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم، عن محمد بن المثنى، عن جعفر، عن شعبة ، عن منصور، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث، عن المقداد. [ ص: 151 ] .

                                                                            قال أبو سليمان الخطابي : المداحون هم الذين اتخذوا مدح الناس عادة، وجعلوه بضاعة يستأكلون به الممدوح، فأما من مدح الرجل على الفعل الحسن، والأمر المحمود يكون منه ترغيبا له في أمثاله، وتحريضا للناس على الاقتداء به في أشباهه، فليس بمداح.

                                                                            وقد استعمل المقداد الحديث على ظاهره في تناول عين التراب، وحثيه في وجه المادح، وقد يتأول أيضا على وجه آخر وهو أن يكون معناه: الخيبة والحرمان، أي: من تعرض لكم بالثناء والمدح، فلا تعطوه واحرموه.

                                                                            كني بالتراب عن الحرمان، كقولهم: ما في يده غير التراب، وكقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا جاءك يطلب ثمن الكلب، فاملأ كفه ترابا ".

                                                                            قلت: وفي الجملة المدح والثناء على الرجل مكروه.

                                                                            لأنه قلما يسلم المادح عن كذب يقوله في مدحه، وقلما يسلم الممدوح، من عجب يدخله.

                                                                            وروي أن رجلا أثنى على رجل عند عمر، فقال عمر: عقرت الرجل، عقرك الله.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية