الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وعلى هذا يخرج ما إذا قال : كل امرأة أتزوجها فهي طالق فتزوج امرأة فطلقت فجاءت بولد أنها إن جاءت به لستة أشهر من وقت النكاح يثبت النسب ; لأنها إذا جاءت به لستة أشهر من وقت النكاح كان لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق ; لأن الطلاق يقع عقيب النكاح ; لأن الحالف أوقعه كذلك .

                                                                                                                                ألا ترى أنه قال : فهي طالق " والفاء " للتعقيب بلا تراخي .

                                                                                                                                وقال زفر : لا يثبت النسب ، وروي أن محمدا كان يقول مثل قوله ثم رجع .

                                                                                                                                وجه قول زفر أن إثبات النسب بعقد إمكان بوطء ولم يوجد ; إذ ليس بين النكاح والطلاق زمان يسع فيه الوطء بل كما وجد النكاح وقع الطلاق عقيبه بلا فصل فلا يتصور الوطء فلا يثبت النسب ، وإنا نقول يمكن تصوره بأن كان يخالط امرأة فدخل الرجال عليه فتزوجها وهم يسمعون كلامه وأنزل من ساعته وإذا تصور الوطء فالنكاح قائم مقام الوطء المنزل عند تصوره شرعا ; لقوله صلى الله عليه وسلم { الولد للفراش } وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت النكاح لا يثبت النسب لأنا علمنا يقينا أنه لوطء وجد قبل النكاح .

                                                                                                                                ثم إذا جاءت به لستة أشهر من وقت النكاح حتى يثبت النسب يجب على الزوج مهر كامل .

                                                                                                                                كذا ذكر في ظاهر الرواية ; لأنها صارت في حكم المدخول بها وذكر أبو يوسف في الأمالي أن القياس أن يجب عليه مهر ونصف مهر ، نصف مهر بالطلاق قبل الدخول ، ومهر كامل بالدخول ، ووجهه أن يجعل الطلاق واقعا كما تزوج فيجب نصف مهر لوجود الطلاق قبل الدخول ثم يجعل واجبا بعد الدخول بناء على أن عنده أن الطلاق غير واقع ; لأنه يرى أن تعليق النكاح بالملك لا يصلح كما هو مذهب الشافعي فيجب المهر بهذا الوطء ويثبت النسب ; لأن المسألة مجتهد فيها فلا يكون فعله زنا إلا أن أبا حنيفة استحسن وقال : لا يجب إلا مهر واحد ; لأنها كالمدخول بها من طريق الحكم فيتأكد المهر .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية