الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو أكل أو شرب أو جامع ناسيا أو ذرعه القيء فظن أن ذلك يفطر فأكل بعد ذلك متعمدا ، فعليه القضاء ولا كفارة عليه ، لأن الشبهة ههنا استندت إلى ما هو دليل في الظاهر لوجود المضاد للصوم في الظاهر وهو الأكل والشرب والجماع حتى قال مالك بفساد الصوم بالأكل ناسيا ، وقال أبو حنيفة : لولا قول الناس لقلت له يقضي .

                                                                                                                                وكذا القيء لأنه لا يخلو عن عود بعضه من الفم إلى الجوف ، فكانت الشبهة في موضع الاشتباه فاعتبرت ، قال محمد : إلا أن يكون بلغه ، أي : بلغه الخبر أن أكل الناسي والقيء لا يفطران ، فتجب الكفارة لأنه ظن في غير موضع الاشتباه فلا يعتبر ، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه لا كفارة عليه سواء بلغه الخبر وعلم أن صومه لم يفسد أو لم يبلغه ولم يعلم .

                                                                                                                                فإن احتجم فظن أن ذلك يفطره فأكل بعد ذلك متعمدا ، إن استفتى فقيها فأفتاه بأنه قد أفطر فلا كفارة عليه لأن العامي يلزمه تقليد العالم فكانت الشبهة مستندة إلى صورة دليل ، وإن بلغه خبر الحجامة وهو المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أفطر الحاجم والمحجوم } ؟ روى الحسن عن أبي حنيفة أنه لا كفارة عليه لأن ظاهر الحديث واجب العمل به في الأصل فأورث شبهة .

                                                                                                                                وروي عن أبي يوسف أنه تجب عليه الكفارة لأن الواجب على العامي الاستفتاء من المفتي لا العمل بظواهر الأحاديث ، لأن الحديث قد يكون منسوخا وقد يكون ظاهره متروكا ، فلا يصير ذلك شبهة ، وإن لم يستفت فقيها ولا بلغه الخبر فعليه القضاء والكفارة لأن الحجامة لا تنافي ركن الصوم في الظاهر وهو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع ، فلم تكن هذه الشبهة مستندة إلى دليل أصلا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية