الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 417 ] ذكر عدة حوادث

في المحرم من هذه السنة قطع الأعراب الطريق على قافلة من الحاج بين ثور وسميراء ، فسلبوهم ، وساقوا نحوا من خمسة آلاف بعير بأحمالها وأناسا كثيرا .

وفيها انخسف القمر ، وغاب منخسفا ، وانكسفت الشمس فيه أيضا آخر النهار ، وغابت منكسفة ، فاجتمع في المحرم كسوفان .

وفيها ، في صفر وثبت العامة بإبراهيم الخليجي ، فانتهبوا داره ، وكان سبب ذلك أن غلاما له رمى امرأة بسهم فقتلها ، فاستعدى السلطان عليه ، فامتنع ، ورمى غلمانه الناس ، فقتلوا جماعة ، وجرحوا ، فثارت بهم العامة ، فقتلوا فيهم رجلين من أصحاب السلطان ، ونهبوا منزله ، ودوابه ، وخرج هاربا ، فجمع محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن طاهر - وكان نائب أبيه - دواب إبراهيم ، وما أخذ له ، فرده عليه .

وفيها وجه إلى أبي الساج جيش بعدما انصرف من مكة ، فسيره إلى جدة ، فأخذ للمخزومي مركبين فيهما مال وسلاح .

وفيها وثب خلف صاحب أحمد بن طولون بالثغور الشامية ، وعامله عليها يازمان الخادم مولى مفلح بن خاقان ، فحبسه ، فوثب به جماعة فاستنقذوا يازمان ، وهرب خلف ، وترك الدعاء لابن طولون ، فسار إليهم ابن طولون ، ونزل أذنة ، فاعتصم أهل طرسوس بها ، ومعهم يازمان ، فرجع عنهم ابن طولون إلى حمص ، ثم إلى دمشق ، فأقام بها .

وفيها قام رافع بن هرثمة بما كان الخجستاني غلب عليه من مدن خراسان ، فاجتبى [ ص: 418 ] عدة من كور خراسان خراجها لبضع عشرة سنة ، فأفقر أهلها وأخربها .

وفيها كانت وقعة بين الحسنيين ، والحسينيين ( بالحجاز ) ، والجعفريين ، فقتل من الجعفريين ثمانية نفر ، وخلصوا الفضل بن العباس العباسي عامل المدينة .

وفيها ، في جمادى الآخرة ، عقد هارون بن الموفق لابن أبي الساج على الأنبار ، وطريق الفرات ، والرحبة ، وولي محمد بن أحمد الكوفة وسوادها ، فلقي محمد الهيصم العجلي ، فانهزم الهيصم .

وفيها توفي عيسى بن الشيخ بن السليل الشيباني ، وبيده أرمينية ، وديار بكر .

وفيها لعن المعتمد أحمد بن طولون في دار العامة وأمر بلعنه على المنابر ، وولى إسحاق بن كنداجيق على أعمال ابن طولون ، وفوض إليه من باب الشماسية إلى إفريقية ، وولي شرطة الخاصة .

وكان سبب هذا اللعن أن ابن طولون قطع خطبة الموفق ، وأسقط اسمه من الطراز ، فتقدم الموفق إلى المعتمد بلعنه ، ففعل مكرها ، لأن هوى المعتمد كان مع ابن طولون .

وفيها كانت وقعة بين ابن أبي الساج ، والأعراب ، فهزموه ، ثم بيتهم فقتل منهم وأسر ، ووجه بالرءوس ، والأسرى إلى بغداذ .

[ ص: 419 ] وفيها ، في شوال دخل ابن أبي الساج رحبة مالك بن طوق بعد أن قاتله أهلها [ فغلبهم ] ، وقتلهم ، وهرب أحمد بن مالك بن طوق إلى الشام ، ثم سار ابن أبي الساج إلى قرقيسيا فدخلها .

وحج بالناس هارون بن محمد ابن إسحاق الهاشمي .

( وفيها خرج محمد بن الفضل أمير صقلية في عسكر إلى ناحية رمطة ، وبلغ العسكر إلى قطانية ، فقتل كثيرا من الروم ، وسبى وغنم ، ثم انصرف إلى بلرم في ذي الحجة ) .

[ الوفيات ] وفيها توفي أحمد بن مجالد مولى المعتصم ، وهو من دعاة المعتزلة ، وأخذ الكلام عن جعفر بن مبشر .

( وفيها توفي سليمان بن حفص بن أبي عصفور الإفريقي ، وكان معتزليا يقول بخلق القرآن ، وأراد أهل القيروان ، فسلم لذلك ، وصحب بشرا المريسي ، وأبا الهذيل ، وغيرهما من المعتزلة ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية