الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن ) ( وهبت ) الرشيدة ( له ) أي للزوج بعد العقد وقبل البناء ( الصداق ) المسمى قبل أن تقبضه منه ( أو ) وهبت له من خالص مالها قبل العقد أو بعده ( ما ) أي شيئا ( يصدقها به قبل البناء جبر على دفع أقله ) وهو ربع دينار أو ثلاثة دراهم حيث أراد الدخول فإن طلق فلا شيء عليه في الصورتين ويستمر الصداق ملكا له في الأولى ويرده لها في الثانية ( و ) إن وهبته له ( بعده ) أي بعد البناء ( أو ) وهبت له ( بعضه ) ، ولو قبل البناء ( فالموهوب كالعدم ) ومعناه في الفرع الأول أنه لا يؤثر خللا وفي الثاني أن الباقي هو الصداق فإن كان أقل من ربع دينار وكان قبل البناء جبر على تكميله وإلا فلا واستثنى من قوله وبعده قوله ( إلا أن تهبه ) شيئا من صداقها قبل البناء أو بعده ( على ) قصد ( دوام العشرة ) معها فطلقها أو فسخ النكاح لفساده قبل حصول مقصودها فلا يكون الموهوب كالعدم بل يرده لها ( كعطيته ) مصدر مضاف لمفعوله أي أن الزوجة إذا أعطت زوجها مالا غير الصداق ( لذلك ) أي لدوام العشرة ( ففسخ ) النكاح لفساده جبرا عليه فترجع بما أعطته له وأحرى لو طلق اختيارا هذا إذا فارق بالقرب ، وأما بالبعد بحيث يرى أنه حصل غرضها فلا ترجع وفيما بين ذلك ترجع بقدره [ ص: 325 ] وهذا ما لم يكن فراقها ليمين نزلت به لم يتعمدها وإلا فلا رجوع خلافا للخمي .

التالي السابق


( قوله : وإن وهبت له الصداق المسمى قبل أن تقبضه منه إلخ ) فإن قبضته منه قبل البناء ، ثم وهبته له فقبله أيضا لم يجبر على دفع أقله فهو حينئذ كالموهوب بعد البناء .

( قوله : ويستمر الصداق ملكا له في الأولى ) أي لصحة الهبة ، قال المتيطي : ولا بد من إشهاد الزوج بالقبول . قال : وهو في معنى الحيازة له فلو ماتت قبله بطلت الهبة على قول ابن القاسم وبه العمل ا هـ بن .

( قوله : جبر على دفع أقله ) أي لاحتمال التواطؤ على ترك الصداق فيعرى البضع عن الصداق بالكلية .

( قوله : وإن وهبته له بعده ) أي وإن وهبت له الصداق بعد البناء قبل أن تقبضه منه أو بعد أن قبضته منه .

( قوله : أنه لا يؤثر خللا ) أي في الصداق فإذا طلقها بعد ذلك فلا شيء لها عليه .

( قوله : فإن كان أقل ) أي فإن كان الباقي بعد الهبة أقل من ربع دينار وقوله : وكان قبل البناء أي وكان ما ذكر من الهبة قبل البناء وقوله : جبر على تكميله أي إن أراد الدخول وإلا طلق وأعطاها نصف ما بقي بعد الهبة كما إذا تزوجها ابتداء بأقل من الصداق الشرعي .

( قوله : وإلا فلا ) أي وإلا بأن كانت الهبة بعد البناء فلا يلزمه شيء .

( قوله : واستثنى من قوله وبعده إلخ ) الصواب أنه مستثنى من جميع ما سبق ; لأن من قوله وبعده فقط ا هـ بن .

وحاصله أنه إذا وهبت له الصداق بعد البناء ، ولو لم تقبضه أو وهبته له قبل البناء وبعد ما قبضته أو قبل قبضه على دوام العشرة أو على حسنها وثبت ذلك بالبينة أو قرائن الأحوال ، ثم إنه طلقها بعد البناء قبل حصول مقصودها أو ظهر بعد البناء فساد النكاح ففسخ لذلك فلا يكون الموهوب كالعدم بل يرده إليها .

( قوله : هذا ) أي رجوعها عليه بما أعطته إذا فارق بالقرب بأن كان قبل تمام سنتين وقوله : وأما بالبعد أي وأما إذا كانت المفارقة ملتبسة بالبعد بأن كانت بعد سنتين فلا ترجع إلخ ، واعلم أن هذا التفصيل ذكره اللخمي وابن رشد ونص عليه سماع أشهب فيما إذا أعطته مالا أو أسقطت [ ص: 325 ] من صداقها على أن يمسكها ففارقها أو فعلت ذلك على أن لا يتزوج عليها فطلقها أما إذا فعلت ذلك على أن لا يتزوج عليها أو لا يتسرى فتزوج أو تسرى فقال ح في الالتزامات ظاهر كلامه في المدونة أنه إن تزوج عليها أو تسرى فلها أن ترجع عليه سواء كان ذلك بالقرب أو بالبعد وصرح بذلك اللخمي ، وهو ظاهر كلام المتيطي وابن فتحون ولم أقف على خلاف في ذلك إلا ما أشار إليه في التوضيح في الشروط ونقله عن ابن عبد السلام أنه ينبغي أن يفرق في ذلك بين القرب والبعد كما فرقوا في المسائل السابقة وظاهر كلامهما أنهما ما لم يقفا على نصف في ذلك انظر بن .

( قوله : وهذا ما لم يكن فراقها ليمين نزلت به ) أي إن محل رجوعها عليه بالعطية إذا فارقها عن قرب إذا لم يكن فراقها ليمين نزلت به لم يتعمد الحنث فيها وهو صادق بما إذا كان طلاقها لا ليمين نزلت به أو ليمين نزلت به وتعمد الحنث فيها فالأولى كما لو طلقها ابتداء لتشاجر والثانية كما لو علق الطلاق على دخوله الدار ، ثم أعطته مالا على دوام العشرة فدخل الدار عمدا فترجع عليه بما أعطته فيهما ، وأما إن قال : إن دخلت الدار بضم التاء فأنت طالق فدخل ناسيا أو علق الطلاق على دخولها فدخلت لم ترجع عليه بشيء وقوله : خلافا للخمي أي القائل أنها ترجع عليه إذا فارقها عن قرب ، ولو كانت المفارقة لأجل يمين لم يتعمد الحنث فيها قال بن وهذا القيد لأصبغ وهو غير ظاهر ، فإن قصارى الأمر أن يكون الفراق هنا كالفسخ ; لأنه جبري فيهما ، وقد ذكر في الفسخ الرجوع فالظاهر حينئذ قول اللخمي لا قول أصبغ ا هـ كلامه




الخدمات العلمية