الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما الجاهل وجوب الاستقبال فيعيد أبدا اتفاقا كمن تذكر فيها ( وجازت سنة ) كوتر ( فيها ) أي في الكعبة المتقدم ذكرها ( وفي الحجر ) بكسر الحاء لأنه جزء منها وكذا ركعتا الطواف الواجب وركعتا الفجر وهذا مذهب أشهب وابن عبد الحكم قياسا على النفل المطلق وهو ضعيف كما في توضيحه والمعتمد مذهب المدونة وهو المنع في ذلك كله قيل والمراد به الحرمة والراجح الكراهة وأجاب بعضهم بأن مراده بالجواز المضي بعد الوقوع ولا خفاء في بعده وأما النفل المطلق والرواتب كأربع قبل الظهر والضحى وركعتا الطواف المندوب فجائز بل مندوب وقوله : ( لأي جهة ) راجع لقوله فيها فقط ولو لجهة بابها مفتوحا لا لقوله ، وفي الحجر أيضا لئلا يتوهم جواز الصلاة لأي جهة منه ولو استدبر البيت أو شرق أو غرب مع أنه لا يجوز قاله الحطاب ونازعه بعض معاصريه في ذلك ورجعه لهما إذ الحجر جزء منها [ ص: 229 ] ( لا فرض ) فلا يجوز فيها ولا في الحجر وإذا وقع فيهما ( فيعاد في الوقت ) وهو في الظهرين للاصفرار ( وأول بالنسيان ) أي حمل بعضهم الإعادة في الوقت على الناسي وأما العامد أو الجاهل فيعيد أبدا ( و ) أول ( بالإطلاق ) عامدا أو ناسيا أو جاهلا وهو المعتمد .

التالي السابق


( قوله : وأما الجاهل وجوب الاستقبال ) وهو الذي لا يعلم أن الاستقبال واجب أو غير واجب فإذا صلى لغير القبلة كانت صلاته باطلة ويعيد أبدا اتفاقا كما قال ابن رشد . بقي ما إذا جهل الجهة بأن علم أن الاستقبال واجب ولكن جهل عين الجهة فاختار له جهة وصلى إليها فتبين أنه أخطأ وصلى لغير القبلة والحكم أن صلاته باطلة إن كان هناك مجتهد يقلده أو محراب لأنه ترك ما هو واجب عليه من تقليدهما وحينئذ فيعيد أبدا وقيل إنه يعيد في الوقت وإن لم يوجد واحد منهما تخير كما مر إذا علمت هذا تعلم أن قول خش جاهل الجهة كالناسي في الخلاف المذكور محمول على ما إذا خالف جاهل الجهة ما هو واجب عليه من تقليد مجتهد أو محراب عند وجودهما واختار جهة وصلى إليها فتبين أنه صلى لغير القبلة كذا قرر شيخنا .

( قوله : لأنه ) أي الحجر وقوله : جزء منها أي من الكعبة ( قوله : وكذا ركعتا الطواف ) أي الواجب ( قوله : وهذا ) أي ما ذكره المصنف من جواز السنة فيها ( قوله : قياسا ) أي لما ذكر من السنة وقوله : على النفل المطلق أي بجامع عدم الوجوب والنفل المطلق جائز فيها اتفاقا ( قوله : وهو المنع في ذلك ) أي لذلك كله أعني السنة وركعتي الطواف والمراد المنع ابتداء والصحة بعد الوقوع ( قوله : والمراد به ) أي بالمنع في كلام المدونة ( قوله : المضي بعد الوقوع ) أي وهذا لا ينافي الكراهة ابتداء ( قوله : بل مندوب ) أي لصلاته عليه الصلاة والسلام فيها النافلة بين العمودين اليمانيين وقد يقال صلاته عليه الصلاة والسلام فيها النافلة غير المؤكدة إذن في مطلق صلاته لأنه لما صلى فيها دل على أن استقبال حائط منها يكفي ولا يشترط استقبال جملتها وإذا كفى استقبال الحائط في صلاة من الصلوات فليكن الباقي كذلك فتأمل ( قوله : أو شرق أو غرب ) أي استقبل المشرق أو المغرب وظاهره أنه في هذه الحالة غير مستدبر للقبلة وهو كذلك لأنها إما على جهة يمينه أو يساره ( قوله : مع أنه لا يجوز ) أي ولا يصح أيضا عنده ( قوله : ونازعه بعض معاصريه ) فيه أن المنازع له العلامة الشيخ طفى محشي تت وهو غير معاصر له لأن طفى معاصر لعج وهو متأخر عن ح وعبارة طفى قد يقال لا وجه لعدم صحته وعدم جوازه في الحجر لأي جهة منه لنص المالكية كابن عرفة وغيره على أن حكم الصلاة في الحجر كالبيت وقد نصوا [ ص: 229 ] على الجواز في البيت ولو لبابه مفتوحا وهو في هذه الحالة غير مستقبل شيئا فكذا يقال في الحجر على ما يقتضيه التشبيه ا هـ قال بن وفيما قاله طفى نظر فإن كلام عياض والقرافي صريح في منع الصلاة إلى الحجر خارجه وصرح ابن جماعة بأنه مذهب المالكية خلافا للخمي وحينئذ فمنع الصلاة فيه لغير القبلة أولى بالمنع وهذا لا يدفع بظاهر ابن عرفة وابن الحاجب مع ظهور التخصيص ا هـ .

( قوله : لا فرض ) أي سواء كان عينيا أو كفائيا كالجنازة ثم إنه على القول بفرضيتها تعاد وعلى القول بسنيتها لا تعاد وعلى كل حال لا يجوز فعلها فيها ( قوله : فلا يجوز فيها ولا في الحجر ) أي يحرم وقيل يكره . والحاصل أن كلا من الفرض والسنة في فعله فيهما خلاف بالكراهة والحرمة والراجح الكراهة في كل وتزيد السنة قولا بالجواز قياسا على النفل المطلق ( قوله : وإذا وقع ) أي وإذا فعل الفرض فيهما ( قوله : وهو في الظهرين للاصفرار ) أي وفي العشاءين لطلوع الفجر وفي الصبح لطلوع الشمس وهذا هو المنقول وما في عبق نقلا عن ح من أن المراد بالوقت الوقت المختار فهو استظهار منه ( قوله : أي حمل بعضهم ) المراد به ابن يونس ( قوله : وأول بالإطلاق ) هذا التأويل للخمي .




الخدمات العلمية