الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) تضمن ( بدفعها ) لشخص ( مدعيا ) حال من المودع بالفتح الذي هو فاعل الدفع أي وادعى دافعها ( أنك ) يا مودع بالكسر ( أمرته به ) أي بالدفع ، وأنكر ربها وتلفت ، أو ضاعت بلا تفريط من القابض لها وقوله مدعيا إلخ أي بلا واسطة بأن يقول أنت أمرتني بدفعها له بنفسك ، أو بواسطة بأن يقول له جاءني كتابك ، أو رسولك ، أو أمارتك فاشتمل كلامه على الصور الأربع ( وحلفت ) أنك لم تأمره أي فالضمان إذا أنكر ربها الأمر بالدفع وحلف على ذلك ولا رجوع له حينئذ على القابض قطعا لاعترافه أن الآمر قد ظلمه فلا يظلم هو القابض ( وإلا ) تحلف ( حلف ) المودع بالفتح ( وبرئ ) من الضمان في جميع الصور ورجع بها على القابض لقبضه من غير مسوغ ( إلا ببينة ) تقوم للدافع ( على ) ربها ( الآمر ) بالدفع فلا يضمن الدافع ، وهذا الاستثناء من قوله وبدفعها منقطع ; لأن ما قبله مجرد دعوى ، والمراد بالبينة ما يشمل الشاهد ، واليمين وقوله ( ورجع ) الآمر ( على القابض ) راجع لقوله إلا ببينة على الآمر ففاعل رجع عائد على الآمر لا المودع بالفتح ; لأنه إذا قامت له بينة على الآمر برئ فلا رجوع على القابض ، وهذا إذا ثبت أن القابض تعدى عليها ، وإلا فلا .

التالي السابق


( قوله وبدفعها ) أي وضمنها المودع بدفعها ( قوله ، وأنكر ربها ) أي أنكر أن يكون أمره بدفعها لذلك الشخص ( تنبيه ) مثل إنكار ربها إنكار ورثته إن مات ففي ح لو مات المودع بالكسر فادعى المودع بالفتح أنه أمره قبل موته بدفعها لفلان فإنه يضمن ولا يصدق ويحلف ورثة المودع على نفي العلم ( قوله وتلفت ) أي ، والحال أنها قد تلفت عند ذلك الشخص الذي دفعت له ، أو ضاعت منه ( قوله على الصور الأربع ) أي دعواه أنه أمره بدفعها لذلك الشخص مباشرة ، أو بواسطة كتاب يعني غير مطبوع ، أو غير خط المودع بالكسر ، أو بواسطة رسول ، أو أمارة ( قوله ولا رجوع له ) أي للمودع وقوله حينئذ أي حين إذ أنكر ربها الأمر بالدفع وحلف على ذلك وقوله لاعترافه إلخ الاعتراف المذكور إنما يكون عند تحقق إذنه بالدفع له بأن أمره مشافهة ، وأما إن لم يتحقق إذنه بالدفع له بأن حسن الظن بإمارته ، أو برسوله ، أو بكتابه غير المطبوع ، أو الذي هو غير خطه فإنه يرجع على القابض حيث كانت قائمة بيده ، أو أتلفها لا إن تلفت بغير سببه ، وذلك لعلم المودع بعدم تعديه في القبض ، وهذه طريقة اللخمي ، والمعتمد أن له الرجوع عليه حيث كانت قائمة بيده ، أو أتلفها ولو صدقه على أنه قبض بوجه صحيح قاله شيخنا وفي بن أن المودع حيث ضمن في هذه الحالة ، وهي ما إذا أنكر ربها الأمر وحلف كان له الرجوع على القابض ولو تحقق إذن ربها له في الدفع بأن أمره مشافهة ، أو عرف الخط ، والأمارة كما في النوادر عن ابن المواز ولا يمنعه من الرجوع عليه تصديقه فيما أتى من الأمارة ، والخط ونحوه لابن سهل وقول اللخمي إنه لا رجوع للمودع على القابض إذا اعترف بأنه قبض بوجه صحيح بأن تحقق إذنه له في الدفع ، وأن المودع ظالم اختيارا له مخالف لما ذكره ا هـ .

كلامه ، والأوجه ما قاله اللخمي ولذا اقتصر في المج عليه .

( قوله قد ظلمه ) أي بإنكاره الأمر بالدفع ( قوله حلف المودع ) أي إنك أمرته بدفعها لذلك الشخص ( قوله في جميع الصور ) أي الأربعة السابقة ( قوله إلا ببينة ) أي تشهد بأن ربها أمر المودع بدفعها لذلك الشخص ، وهذا مفهوم قوله مدعيا أنك أمرته به ومثل البينة الكتاب المطبوع مع الشهادة على أن الخط خط صاحب الوديعة ( قوله على ربها الآمر ) مقتضى حل الشارح أن الآمر يقرأ بالمد ، وهو غير متعين ، بل يصح سكون الميم أي إلا ببينة تشهد على ربها بالأمر بالدفع له ( قوله ، وهذا الاستثناء من قوله وبدفعها ) أي وضمن المودع بدفعها لشخص إلا ببينة تشهد على ربها بالأمر بالدفع له ( قوله ورجع إلخ ) أي وحيث قامت بينة للدافع على أن ربها أمره بدفعها لفلان وقلتم لا ضمان على الدافع حينئذ فإن ربها يرجع على القابض إن ثبت تعديه عليها ، وإلا فلا رجوع له على القابض كما أنه لا رجوع له على الدافع فقول الشارح ، وهذا أي رجوع الآمر على القابض إن ثبت تعديه عليها أي ، أو كانت قائمة بيده ( قوله راجع لقوله إلا ببينة ) أي ، وأما الصور الأربعة التي قبل إلا فلا يرجع المودع فيها على القابض كما قال الشارح تبعا للخمي ويصح أن يجعل قول المصنف ورجع على القابض راجعا لما قبل إلا أي وحيث ضمن المودع في الصور الأربع التي قبل إلا وغرم ورجع على القابض بما دفعه له وعلى هذا يكون المصنف ماشيا على طريقة ابن المواز المعتمدة ، والحاصل أنه إن جعل قوله ورجع إلخ راجعا لما بعد إلا كان المصنف ساكتا عن رجوع المودع على القابض في الصور الأربع التي قبل إلا وعدم رجوعه عليه ، وأما إن جعل راجعا لما قبل إلا كان متكلما على ذلك وساكتا عن الرجوع وعدمه فيما بعد إلا .

( قوله ، وإلا فلا ) أي ، وإلا يثبت تعديه بأن تلفت بغير سببه فلا رجوع له على القابض كما لا رجوع [ ص: 429 ] له على الدافع لعدم تعدي القابض في قبضها ، والدافع في دفعها .




الخدمات العلمية