الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) تضمن ( بقوله ) لربها ( تلفت قبل أن تلقاني بعد منعه دفعها ) له ولو لعذر إقامة كاشتغاله بالتوجه لحاجة ولو أثبت العذر ; لأن سكوته عن بيان تلفها دليل على بقائها إلى أن يدعي أنه إنما علم بالتلف بعد أن لقيه فلا يضمن ويحلف إن اتهم ( كقوله ) تلفت ( بعده ) أي بعد اللقي وامتنع من دفعها له ( بلا عذر ) ثابت فإنه يضمنها فإن كان الامتناع لعذر ثابت لم يضمن ( لا ) يضمن ( إن قال لا أدري متى تلفت ) أقبل أن تلقاني ، أو بعده ؟ كان هناك عذر أم لا ؟ ويحلف المتهم ( و ) يضمن ( بمنعها ) من الدفع لربها ( حتى يأتي الحاكم ) فضاعت ( إن لم تكن ) عليه ( بينة ) بالتوثق عند إيداعها ، وإلا فلا ضمان ، والمراد الحاكم الذي لا يخشى منه ( لا إن قال ) عند طلبها منه ( ضاعت من ) مدة ( سنين ) ، وأولى أقل ( وكنت أرجوها ) فلا ضمان ( ولو حضر صاحبها ) بالبلد ولم يخبره بضياعها ( كالقراض ) تشبيه تام في قوله وبقوله تلفت إلى هنا أي إن عامل القراض حكمه حكم المودع بالفتح في قوله تلفت قبل أن تلقاني إلخ لكن بعد نضوض المال وطلب ربه أخذه ، وأما قبله فامتناعه من القسم ، أو من إحضار المال لا يوجب ضمانا ; لأن القول له في منعه ( وليس له ) أي للمودع بالفتح ( الأخذ منها ) أي من الوديعة إذا كانت ( لمن ظلمه بمثلها ) ، والمذهب أن له الأخذ منها بقدر حقه إن أمن العقوبة ، والرذيلة وربها ملد ، أو منكر ، أو ظالم ويشهد له { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه } إلخ وسيأتي للمصنف في الشهادات ومن قدر على شيئه فله أخذه إلخ ولا فرق بين أخذ العين ، والمثل ، والقيمة على المذهب .

التالي السابق


( قوله وبقوله تلفت إلخ ) صورته أن المودع لقي المودع يوم السبت فطلب منه الوديعة فامتنع المودع من دفعها لعذر اعتذر به ، أو لغير عذر ، ثم إنه لقيه في ثاني يوم فطلبها منه فقال له إنها تلفت قبل أن تلقاني أمس فإنه يضمن ( قوله ; لأن سكوته عن بيان تلفها ) أي حين لقيه أولا ( قوله وامتنع من دفعها ) أي ، والحال أنه امتنع من دفعها له حين الملاقاة أولا بلا عذر ثابت بأن امتنع لغير عذر بالكلمة ، أو لعذر محتمل ( قوله لم يضمن ) أي لحمله على أنها تلفت قبل اللقاء ولم يعلم به إلا بعده ( قوله كان هناك عذر ) أي منع من دفعها له حين لقيه أولا أو لا ( قوله حتى يأتي الحاكم ) أي من سفره ويدفعها له بحضرته ، أو حتى تأتي البينة ويدفعها له بحضرتها ، وأما إذا منعت المرأة الوديعة حتى يقضي زوجها حاجته فتلفت فلا ضمان عليها كما في ح .

( قوله فضاعت ) أي قبل حضور القاضي ، أو البينة ، وإنما ضمن ; لأنه يصدق في دعواه الرد فلا يحتاج لدفعها لربها بحضرة الحاكم ، أو البينة وحينئذ فهو متسبب في ضياعها بحبسه لها واعلم أن مثل الوديعة فيما ذكر الرهن فإذا طلب ربه فكاكه وامتنع المرتهن من دفعه حتى يأتي الحاكم فتلف قبل إتيانه فإنه يضمنه إن لم يكن قبضه ببينة مقصودة للتوثق ( قوله ، وإلا فلا ضمان ) أي إذا حبسها لمجيء القاضي ، أو البينة فضاعت ، أو تلفت قبل حضور من ذكر ( قوله وكنت أرجوها ) كتب بعضهم إنه ينبغي إن ذكر هذا لا بد منه في نفي الضمان ، وأنه لو لم يذكره لضمن ، وذلك ; لأن ربها يقول له لو أعلمتني بضياعها كنت أفتش عليها فترك إعلامك لي تفريط منك ( قوله فلا ضمان ) أي ولو لم يخبر بذلك أحدا ( قوله ولو حضر صاحبها ) أي هذا إذا كان صاحبها غائبا ، بل ولو حضر صاحبها خلافا لمن قال إنه يضمن إن كان صاحبها حاضرا بالبلد ; لأن ترك إعلامه بضياعها دليل على كذبه ( قوله تشبيه تام في قوله وبقوله تلفت إلخ ) أي فيضمن العامل مال القراض إذا طلبه ربه فمنعه منه ولو لعذر ، ثم قال له بعد ذلك ضاع قبل أن تلقاني ، أو بعد أن لقيتني إن منعه أولا لغير عذر ثابت ولا ضمان إذا تلفت وقال لا أدري متى تلفت وضمن بمنعه من ربه حتى يأتي الحاكم إذا كان ليس عليه بينة للتوثق لا إن قال ضاع من سنين وكنت أرجوه ( قوله ، وأما قبله ) أي قبل نضوض المال ( قوله لمن ظلمه بمثلها ) أي مملوكة لمن ظلمه وقوله بمثلها متعلق بظلمه ، والباء سببية وبعدها مضاف محذوف أي بأخذ مثلها وتقدير الكلام وليس له الأخذ منها إذا كانت مملوكة لمن ظلمه بسبب أخذ مثلها أي في القدر ، والجنس ، والصفة ( قوله إن أمن العقوبة ) أي إن أمن على نفسه العقوبة بالضرب فما فوقه من حبس ، أو قطع ، أو قتل ( قوله ، والرذيلة ) أي كأن ينسب للخيانة ; لأن حفظ العرض واجب كالنفس ( قوله ويشهد له إلخ ) أي ، وأما خبر { أد الأمانة لمن ائتمنك ، ولا تخن من خانك } فأجاب ابن رشد بأن معنى ولا تخن إلخ أي لا تأخذ أزيد من حقك فتكون خائنا ، وأما من أخذ حقه فليس بخائن .




الخدمات العلمية