الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أبي ، وأبو محمد بن حيان ، قالا : ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا محمد بن يزيد ، ثنا علي بن بكار ، عن إبراهيم بن أدهم ، قال : حدثني رفيقه ، قال : " خرجت مع إبراهيم بن أدهم ، من بيت المقدس ، فنفد زادنا في الطريق ، فجعلنا نأكل الخرنوب ، وعروق الشجر حتى خشنت حلوقنا ، وبلغ منا الجهد ، فقلت : ندخل القرية عسى أن نطلب عملا ، فإذا في القرية نهر ، فتوضأ وصف قدميه فدخلت ألتمس فتقبلت من قوم حائطا قد سقط أجره بأربعة دراهم ، فقلت : قد تقبلت عملا ، فجعل يعمل عمل الرجال ، وأعمل عملا ضعيفا ، فجاءونا بغداء ، فغسلت يدي أبادر الطعام ، فقال لي : هذا في شرطك بعدما تعالى النهار ؟ [ ص: 374 ] فقلت : لا ، قال : فاصبر حتى تأخذ كراك وتشتري ، قال : فلما فرغنا أخذنا الدراهم ، واشترينا ، وأكلنا وطعمنا ، ثم خرجنا فأصابنا في الطريق الجوع ، فأتينا قرية من قرى حمص ، فإذا ساقية ماء ، فتوضأ للصلاة وصف قدميه ، وإذا إلى جانبنا دار فيها غرفة ، فبصر بنا صاحب الغرفة حين نزلنا ولم نطعم ، فبعث إلينا بجفنة فيها ثريد وخبز عراق ، فوضعت بين أيدينا ، فانفتل من الصلاة فقال : من بعث ؟ فقلت : صاحب المنزل ، قال : ما اسمه ؟ قلت : فلان بن فلان ، فأكل وأكلت ، ثم أتينا عمق أنطاكية وقد حضر الحصاد ، فحصدنا بنحو ثمانين درهما فقلت : آخذ نصف هذه وأرجع ، ما بي قوة على صحبته ، فقلت : إني أريد الرجوع إلى بيت المقدس ، قال : ما أنت لي مصاحبا ، فدخل أنطاكية ، واشترى ملاءتين من تلك الدراهم ، فقال : إذا أتيت قرية كذا وكذا التي أطعمنا فيها فسل عن فلان ابن فلان ، وادفع إليه الملاءتين ، ودفع إلي بقية الدراهم ، وبقي ليس معه شيء ، فدفعت الملاءتين إلى الرجل ، فقال : من بعث بها ؟ قلت : إبراهيم بن أدهم ، فقال : ومن إبراهيم بن الأدهم ؟ فأخبرته أنه كان أحد الرجلين اللذين بعث إليهما بالطعام ، فأخذهما ، ومضيت إلى بيت المقدس فأقمت حينا ، فرجعت وسألت عن الرجل ، فقيل لي : مات وكفن في الملاءتين " .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن فضيل العكي ، حدثني أبي ، قال : " رأيت إبراهيم بن أدهم إذا حصد يحصد ويستعين معه الضعفاء فيسبقهم في أمانه - يعني الموضع - فيحصده ثم يشير إلى أصحابه : أن اجلسوا ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يرجع إلى ما في أيديهم فيحصده دونهم وهم جلوس ، ثم يصلي ركعتين ثم يرجع إلى أمانه فيحصده " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية