الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      [ ص: 335 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( والمستحب أن لا يستاك بعود رطب لا يقلع ولا بيابس يجرح اللثة ، بل يستاك بعود بين عودين ، وبأي شيء استاك مما يقلع القلح ويزيل التغير كالخرقة الخشنة وغيرها أجزأه ; لأنه يحصل به المقصود ، وإن أمر أصبعه على أسنانه لم يجزئه ; لأنه لا يسمى سواكا ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) اللثة بكسر اللام وتخفيف الثاء المثلثة وهي ما حول الأسنان من اللحم ، كذا قاله الجوهري وقال غيره : هي اللحم الذي ينبت فيه الأسنان ، فأما اللحم الذي يتخلل الأسنان فهو عمر بفتح العين وإسكان الميم وجمعه عمور بضم العين ، وجمعها لثات ولثى . أما حكم المسألة فقوله : لا يستاك بيابس ولا رطب بل بمتوسط ، كذا قاله أصحابنا قالوا : فإن كان يابسا نداه بماء ، وقوله : وبأي شيء استاك مما يزيل التغير والقلح أجزأه ، كذا قال أصحابنا واتفقوا عليه . قال القاضي أبو الطيب وصاحبه صاحب الشامل وآخرون : فيجوز الاستياك بالسعد والأشنان وشبههما . وأما الأصبع فإن كانت لينة لم يحصل بها السواك بلا خلاف ، وإن كانت خشنة ففيها أوجه : الصحيح المشهور لا يحصل ; لأنها لا تسمى سواكا ولا هي في معناه بخلاف الأشنان ونحوه فإنه وإن لم يسم سواكا فهو في معناه ، وبهذا الوجه قطع المصنف والجمهور .

                                      ( والثاني ) : يحصل لحصول المقصود وبهذا قطع القاضي حسين والمحاملي في اللباب والبغوي واختاره الروياني في كتابه البحر .

                                      ( والثالث ) : إن لم يقدر على عود ونحوه حصل وإلا فلا ، حكاه الرافعي . ومن قال بالحصول فدليله ما ذكرناه من حصول المقصود . وأما الحديث المروي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم : { يجزي من السواك الأصابع } فحديث ضعيف ضعفه البيهقي وغيره ، والمختار الحصول لما ذكرناه ثم الخلاف إنما هو في إصبعه أما أصبع غيره الخشنة فتجزي قطعا ; لأنها ليست جزءا منه فهي كالأشنان . وفي الإصبع عشر لغات : [ ص: 336 ] كسر الهمزة ، وفتحها ، وضمها مع الحركات الثلاث في الباء ، والعاشرة أصبوع بضم الهمزة والباء ، وأفصحهن كسر الهمزة مع فتح الباء والله أعلم .

                                      ( فرع ) قال أصحابنا : يستحب أن يكون السواك بعود وأن يكون بعود أراك ، قال الشيخ نصر المقدسي : الأراك أولى من غيره ثم بعده النخل أولى من غيره ، قال المتولي : يستحب أن يكون عودا له رائحة طيبة كالأراك ، واستدلوا للأراك بحديث { أبي خيرة الصباحي رضي الله عنه قال : كنت في الوفد يعني وفد عبد القيس الذين وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر لنا بأراك فقال : استاكوا بهذا } " ، وأبو خيرة بفتح الخاء المعجمة وإسكان المثناة تحت ، والصباحي بضم الصاد المهملة ، وبعدها باء موحدة مخففة وبالحاء المهملة هكذا ضبطه ابن ماكولا وغيره ، قال : ولم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم من هذه القبيلة سواه والله أعلم .



                                      ( فرع ) في مسائل تتعلق بالسواك قال أصحابنا : يستحب أن يبدأ في الاستياك بجانب فمه الأيمن للحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يحب التيامن في تطهره وترجله وشأنه كله } وقياسا على الوضوء ، قال القاضي حسين : وينوي به الإتيان بالسنة ، ولا بأس بالاستياك بسواك غيره بإذنه للحديث الصحيح فيه ،



                                      قالوا : ويستحب أن يعود الصبي السواك ليألفه كسائر العبادات ، قال الصيمري : ويستحب إذا أراد أن يستاك ثانيا أن يغسل مسواكه ، وهذا يحتج له بحديث عائشة رضي الله عنها قالت : { كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يستاك فيعطيني المسواك لأغسله فأبدأ به فأستاك ثم أغسله فأدفعه إليه } حديث حسن رواه . أبو داود بإسناد جيد ، وهذا محمول على ما إذا [ ص: 337 ] حصل عليه شيء من وسخ أو رائحة ونحوهما ، قال الصيمري : ويكره أن يدخل مسواكه في ماء وضوئه ، وهذا فيه نظر ، وينبغي ألا يكره . قال الروياني : قال بعض أصحابنا : يستحب أن يقول عند ابتداء السواك : اللهم بيض به أسناني وشد به لثاتي وثبت به لهاتي ، وبارك لي فيه يا أرحم الراحمين . وهذا الذي قاله وإن لم يكن له أصل فلا بأس به فإنه دعاء حسن .




                                      الخدمات العلمية