الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5955 ) فصل : وإذا علق الطلاق بشرطين ، لم يقع قبل وجودهما جميعا ، في قول عامة أهل العلم . وخرج القاضي وجها في وقوعه بوجود أحدهما ، بناء على إحدى الروايتين في من حلف أن لا يفعل شيئا ، ففعل بعضه . وهذا بعيد جدا ، يخالف الأصول ومقتضى اللغة والعرف ، وعامة أهل العلم ; فإنه لا خلاف بينهم في المسائل التي ذكرناها في الشرطين جميعا ، وإذا اتفق العلماء على أنه لا يقع طلاقه ; لإخلاله بالترتيب في الشرطين المرتبين في مثل قوله : إن أكلت ثم لبست . فلإخلاله بالشرط كله أولى ، ثم يلزم على هذا ما لو قال : إن أعطيتني درهمين فأنت طالق ، وإذا مضى شهران فأنت طالق . فإنه لا خلاف في أنها لا تطلق قبل وجودهما جميعا ، وكان قوله يقتضي أن يقع الطلاق بإعطائه بعض درهم ومضي بعض يوم ، وأصول الشرع تشهد بأن الحكم المعلق بشرطين لا يثبت إلا بهما ، وقد نص أحمد على أنه إذا قال : إن حضت حيضة فأنت طالق . وإذا قال : إذا صمت يوما فأنت طالق . أنها لا تطلق حتى تحيض حيضة كاملة ، وإذا غابت الشمس من اليوم الذي تصوم فيه طلقت ، وأما اليمين ، فإنه متى كان في لفظه أو نيته ما يقتضي جميع المحلوف عليه ، لم يحنث إلا بفعل جميعه .

                                                                                                                                            وفي مسألتنا ما يقتضي تعليق الطلاق بالشرطين معا ; لتصريحه بهما ، وجعلهما شرطا للطلاق ، والحكم لا يثبت بدون شرطه ، على أن اليمين مقتضاها المنع مما حلف عليه ، فيقتضي المنع من فعل جميعه ، لنهي الشارع عن شيء يقتضي المنع من كل جزء منه ، كما يقتضي المنع من جملته ، وما علق على شرط جعل جزاء وحكما له ، والجزاء لا يوجد بدون شرطه ، والحكم لا يتحقق قبل تمام شرطه ، لغة وعرفا وشرعا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية