الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 112 ) فصل : ويستحب خضاب الشيب بغير السواد ، قال أحمد إني لأرى الشيخ المخضوب فأفرح به . وذاكر رجلا ، فقال : لم لا تختضب ؟ فقال : أستحي . قال : سبحان الله ، سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال المروذي : قلت : يحكى عن بشر بن الحارث أنه قال : قال لي ابن داود : خضبت ؟ قلت : أنا لا أتفرغ لغسلها فكيف أتفرغ لخضابها ، فقال : أنا أنكر أن يكون بشر كشف عمله لابن داود ، ثم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { غيروا الشيب } ، وأبو بكر وعمر خضبا ، والمهاجرون ، فهؤلاء لم يتفرغوا لغسلها ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالخضاب ، فمن لم يكن على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس من الدين في شيء ، وحديث أبي ذر ، وحديث أبي هريرة ، وحديث أبي رمثة ، وحديث أم سلمة .

                                                                                                                                            ويستحب الخضاب بالحناء والكتم ; لما روى الخلال ، وابن ماجه ، بإسنادهما عن تميم بن عبد الله بن موهب ، قال : { دخلت على أم سلمة ، فأخرجت إلينا شعرا من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم مخضوبا بالحناء والكتم . } وخضب أبو بكر بالحناء والكتم . ولا بأس بالورس والزعفران ; لأن أبا مالك الأشجعي قال : { كان خضابنا مع [ ص: 67 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم الورس والزعفران . }

                                                                                                                                            وعن الحكم بن عمرو الغفاري ، قال : دخلت أنا وأخي رافع على أمير المؤمنين عمر وأنا مخضوب بالحناء ، وأخي مخضوب بالصفرة ، فقال عمر بن الخطاب هذا خضاب الإسلام ، وقال لأخي رافع : هذا خضاب الإيمان . ويكره الخضاب بالسواد . قيل لأبي عبد الله : تكره الخضاب بالسواد ؟ قال : إي والله . قال : { وجاء أبو بكر بأبيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غيروهما وجنبوه السواد } .

                                                                                                                                            وروى أبو داود ، بإسناده عن عبد الله بن عباس مرفوعا { يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بالسواد كحواصل الحمام ، لا يريحون رائحة الجنة } . ورخص فيه إسحاق بن راهويه للمرأة تتزين به لزوجها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية