الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ويستحب ) للمستنجي ( دلك يده بالأرض الطاهرة بعد الاستنجاء ) لحديث ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك رواه البخاري .

                                                                                                                      ( ويجزيه أحدهما ) أي الاستجمار أو الاستنجاء ، فيكفي الاستجمار ولو مع قدرته على الماء ، لحديث جابر مرفوعا { إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزي عنه } رواه أحمد وأبو داود .

                                                                                                                      ( والماء أفضل ) من الحجر لأنه يزيل العين والأثر وما حكي عن سعد بن أبي وقاص وابن الزبير أنهما أنكرا الاستنجاء بالماء أجيب عنه بأنه كان على من يعتقد وجوبه ، ولا يرى الأحجار مجزئة ، لأنهما شاهدا من الناس محافظة عليه .

                                                                                                                      فخافا التعمق في الدين ( وجمعهما ) أي الحجر والماء مرتبا كما مر ( أفضل منه ) أي من الماء وحده ، لما تقدم عن عائشة .

                                                                                                                      ( وفي التنقيح : الماء أفضل كجمعهما ، وهو ) أي التسوية بين الماء وجمعهما ( سهو ) وأجاب التقي الفتوحي وغيره بأنه ليس الغرض التسوية بينهما وإنما الغرض تشبيه المختلف فيه بالمتفق عليه ، أو المعنى كما أن جمعهما أفضل من الماء فلا سهو ( إلا أن يعدو ) أي يتجاوز ( الخارج موضع العادة ) كأن ينتشر الخارج على شيء من الصفحة ، أو يمتد إلى الحشفة امتدادا غير معتاد ( فلا يجزئ إلا الماء للمتعدي فقط ) ; لأن الاستجمار في المحل المعتاد رخصة للمشقة في غسله ، لتكرر النجاسة فيه ، فما لا يتكرر لا يجزي فيه إلا الماء .

                                                                                                                      ويجزئ الحجر في الذي في محل المادة كما لو لم يكن غيره ( كتنجيس مخرج بغير خارج ) منه فلا يجزئ فيه إلا الماء [ ص: 67 ] وكذا لو جف الخارج قبل الاستجمار ( و ) ك ( استجمار بمنهي عنه ) كروث وعظم ، فلا يجزئ بعده إلا الماء .

                                                                                                                      ( وإن خرجت أجزاء الحقنة فهي نجسة ولا يجزئ فيها الاستجمار ) قال في الإنصاف فيعايا بها ( والذكر والأنثى الثيب والبكر في ذلك ) أي ما يجزئ فيه الاستجمار وما لا يجزئ على ما سبق سواء لعموم الأدلة ( فلو تعدى بول الثيب إلى مخرج الحيض أجزأ فيه الاستجمار لأنه معتاد ) كثيرا صححه المجد واختاره في مجمع البحرين والحاوي الكبير .

                                                                                                                      وقال هو وغيره هذا إذا قلنا يجب تطهير باطن فرجها على ما اختاره القاضي والمنصوص عن أحمد أنه لا يجب ، فتكون كالبكر قولا واحدا وقدم في الإنصاف عن الأصحاب أنه يجب غسله كالمنتشر عن المخرج ( ولو شك في تعدي الخارج لم يجب الغسل ) وأجزأه الاستجمار ، لأن الأصل عدم التعدي ( والأولى الغسل ) احتياطا .

                                                                                                                      قال علي إنكم كنتم تبعرون بعرا وأنتم اليوم تثلطون ثلطا ، فأتبعوا الماء الأحجار ( وظاهر كلامهم لا يمنع القيام الاستجمار ما لم يتعد الخارج ) موضع العادة ( فإذا خرج ) من نحو الخلاء ( سن قوله : غفرانك ) لحديث عائشة قالت { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال غفرانك } رواه البخاري والترمذي وهو منصوب على المفعولية أي أسألك غفرانك والغفر الستر ، وسره أنه لما خلص من النجو المثقل للبدن سأل الخلاص مما يثقل القلب ، وهو الذنب لتكمل الراحة ( الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني ) لقول أنس { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني } رواه ابن ماجه من رواية إسماعيل بن مسلم وقد ضعفه الأكثر .

                                                                                                                      وفي مصنف عبد الرزاق أن نوحا عليه السلام كان إذا خرج يقول الحمد لله الذي أذاقني لذته ، وأبقى في منفعته ، وأذهب عني أذاه ( ويتنحنح ) ذكره جماعة زاد بعضهم .

                                                                                                                      ( ويمشي خطوات ) وعن أحمد نحو ذلك ( إن احتاج إلى ذلك للاستبراء ) لما فيه من التنزه من البول ، فإن عامة عذاب القبر منه كما في الخبر .

                                                                                                                      وقال الشيخ تقي الدين : ذلك كله بدعة ولا يجب باتفاق الأئمة وذكر في شرح العمدة قولا يكره تنحنحه ومشيه ولو احتاج إليه لأنه وسواس .

                                                                                                                      ( قال الموفق ) وغيره ( ويستحب أن يمكث ) بعد بوله ( قليلا قبل الاستنجاء حتى ينقطع أثر البول ، ولا يجب غسل ما أمكن من داخل فرج ثيب من نجاسة وجنابة ، فلا تدخل [ ص: 68 ] يدها ولا إصبعها ) في فرجها ( بل ) تغسل ( ما ظهر لأنه ) أي داخل الفرج ( في حكم الباطن ) عند ابن عقيل وغيره ( فينتقض وضوءها بخروج ما احتشته ولو بلا بلل ويفسد الصوم بوصول إصبعها ) إليه لا بوصول ( حيض إليه ) بناء على أنه باطن ، وقال أبو المعالي وصاحب الرعاية وغيرهما هو في حكم الظاهر وذكره في المطلع عن أصحابنا فتنعكس الأحكام غير وجوب الغسل فلا يجب على المنصوص .

                                                                                                                      وإن قلنا هو في حكم الظاهر للمشقة والحرج ( ويستحب لغير الصائمة غسله ) خروجا من الخلاف ( وداخل الدبر في حكم الباطن لإفساد الصوم بنحو الحقنة ، ولا يجب غسل نجاسته ، وكذا حشفة أقلف غير مفتوق ) لا يجب غسل نجاسته ، ولا جنابة ما تحتها ( ويغسلان ) أي نجاسة الحشفة وجنابتها ( من مفتوق ) لأنها في حكم الظاهر ( ويستحب لمن استنجى ) بالماء ( أن ينضح فرجه ) أي ما يحاذيه من ثوبه ( وسراويله ) قطعا للوسواس .

                                                                                                                      وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { جاءني جبريل فقال : يا محمد إذا توضأت فانضح } حديث غريب قاله في الشرح .

                                                                                                                      و ( لا ) يستحب ذلك ل ( من استجمر ) ومن ظن خروج شيء فقال أحمد لا تلتفت حتى تتيقن ، واله عنه فإنه من الشيطان ، فإنه يذهب إن شاء الله ، ولم ير أحمد حشو الذكر في ظاهر ما نقله عبد الله وإنه لو فعل فصلى ثم أخرجه فوجد بللا فلا بأس ما لم يظهر خارجا ، وكره الصلاة فيما أصابه الاستجمار حتى يغسله ، ونقل صالح أو يمسحه ، ونقل عبد الله لا يلتفت إليه قاله في الفروع .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية