الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      فصل وإن أسلم حر وتحته أكثر من أربع فأسلمن معه أو في العدة إن كان بعد الدخول بهن ( أو ) لم يسلمن و ( كن كتابيات أمسك أربعا ) منهن وليس له إمساكهن كلهن لما روى قيس بن الحارث قال { أسلمت وتحتي ثمان نسوة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال اختر منهن أربعا } رواه أحمد وأبو داود .

                                                                                                                      وروى محمد بن سويد الثقفي { أن غيلان بن سلمة أسلم وتحته عشر نسوة فأسلمن معه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعا } رواه الترمذي ورواه مالك في موطئه عن الزهري مرسلا ( ولو كان محرما ) لأن الاختيار استدامة النكاح وتعيين للمنكوحة فصح من المحرم كالرجعة بخلاف ابتداء النكاح .

                                                                                                                      وله الاختيار ( ولو من مئات ) لأن الاعتبار في الاختيار بحال ثبوته وهو وقت الإسلام ، وقد كن أحياء وقته ( وفارق سائرهن ) أي باقيهن ( إن كان ) الزوج ( مكلفا ، سواء تزوجهن في عقد أو عقود ، وسواء كان من أمسك منهن أول من عقد عليهن أو آخرهن ) لعموم ما سبق .

                                                                                                                      ( وإلا ) أي : وإن لم يكن مكلفا بأن كان صغيرا أو مجنونا ولو كان جنونه بعد إسلامه ( وقف الأمر حتى يكلف وليس لوليه الاختيار ) له لأن ذلك يرجع إلى الشهوة فلا تدخله الولاية ( وعليه ) [ ص: 123 ] أي على من أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة ولو غير مكلف ( النفقة ) لجميعهن ( إلى أن يختار ) منهن أربعا لأنهن محبوسات لأجله وهن في حكم الزوجات .

                                                                                                                      ( وإن مات الزوج لم يقم وارثه مقامه ) في الاختيار ويأتي حكم العدة والإرث ( وإن أسلم البعض ) من الزوجات ( وليس البواقي كتابيات إمساكا وفسخا في مسلمة خاصة ) إن زادت المسلمات على أربع وليس له أن يختار واحدة ممن لم يسلمن لعدم حلها له .

                                                                                                                      ( وله ) أي ممن أسلم وتحته أكثر من أربع فأسلم بعضهن وبقي البعض ( تعجيل إمساك مطلقا و ) له ( تأخير حتى تنقضي عدة البقية أو يسلمن ) فمن أسلم وتحته ثمان نسوة فأسلم منهن خمس فله اختيار أربع منهن ، وله الاختيار إلى أن يسلم البواقي أو تنقضي عدتهن .

                                                                                                                      ( وصفة الاختيار : اخترت نكاح هؤلاء ، أو اخترت هؤلاء أو أمسكتهن أو اخترت حبسهن أو ) اخترت ( إمساكهن أو ) اخترت ( نكاحهن أو أمسكت نكاحهن أو ثبت نكاحهن أو ثبتهن أو أمسكت هؤلاء أو تركت هؤلاء أو اخترت هذه للفسخ أو ) اخترتها ( للإمساك ونحوه ) كأبقيت هذه وباعدت هذه .

                                                                                                                      ( وإن قال لمن زاد على أربع : فسخت نكاحهن كان اختيارا للأربع ) لدلالته عليه ( فإن قال سرحت هؤلاء أو فارقتهن لم يكن طلاقا لهن ) إلا أن ينويه لأنه كناية ( ولا اختيارا لغيرهن ) لأنه ليس صريحا فيه ( إلا أن ينويه ) فيعمل بما نواه لأن لفظه يحتمله ، والنية معينة للمقصود ( والمهر لمن انفسخ نكاحها بالاختيار إن كان دخل بها ) لأنه استقر بالدخول فلم يسقط .

                                                                                                                      ( وإلا ) بأن لم يدخل بها ( فلها مهرها ) لأن النكاح ارتفع من أصله لأنه ممنوع من ابتدائه واستدامته فوجوده كعدمه ( ولا يصح تعليق الفرقة ) بشرط .

                                                                                                                      ( ولا ) يصح تعليق ( الاختيار بشرط ) فلا يصح : كلما أسلمت واحدة فلقد اخترتها ، أو كل من دخلت دار فلان فقد فارقتها ونحوه لأن الشرط قد يوجد فيمن يحبها فيفضي إلى تنفيره ولذلك لم تدخل القرعة فيه فإن علق الفسخ بشرط وأراد به الطلاق ففيه وجهان أطلقهما في الشرح وغيره .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية