الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
رجل قال لعبده إن بعتك فأنت حر فباعه لم يعتق عندنا ، وقال ابن أبي ليلى يعتق من مال البائع وهذا بناء على أصل مختلف فيه بيننا وبينه أن في اليمين بالطلاق والعتاق عندنا يشترط قيام الملك عند وجود الشرط لحصول الجزاء وعنده لا يشترط ويعتبر قيام الملك في المحل بالأهلية في المتصرف وذلك لا يشترط عند وجود الشرط حتى أن من قال لعبده إن دخلت الدار فأنت حر ثم جن الحالف ثم وجد الشرط يقع الطلاق والعتاق ومعلوم أن تأثير الأهلية أكثر من تأثير الملك في المحل .

فأما إذ كان يسقط اعتبار الأهلية عند وجود الشرط فلأنه يسقط اعتبار الملك في المحل أولى ، ولكنا نقول المتعلق بالشرط عند وجود الشرط كالمنجز فكما أن تنجيز العتق لا يصح إلا عند قيام الملك في المحل فكذلك بزوال الجزاء عند وجود الشرط إلا أنه يصير كالمنجز بذلك الكلام السابق وذلك الكلام صح منه في حال إقامته والجنون إنما ينافي الأهلية للتكلم بالطلاق والعتاق على وجه يكون إيقاعا في حقه وهذا غير معتبر عند وجود الشرط إذا عرفنا هذا فنقول إذا قال إن بعتك فأنت حر فهذا التعليق عنده صحيح لأن الملك عند التعليق موجود ولا يشترط [ ص: 160 ] وجود الملك عند وجود الشرط على مذهبه وقد وجد الشرط هنا بالبيع فيترك العتق بالسبب الذي صح منه قبل البيع ويصير به معلقا رقبته فيبطل البيع ويعتق من مال البائع وعندنا يشترط قيام الملك في المحل عند نزول الجزاء لأن الإيجاب إنما يتصل بالمحل بعد وجود الشرط والشرط هنا هو البيع فإذا زال ملكه بالبيع فقد انعدم الملك في المحل عند وجود الشرط فينحل اليمين ولا يعتق العبد بل يبقى على ملك المشتري وعلى هذا الأصل لو قال لعبده إن كلمت فلانا فأنت حر ثم باعه ثم كلم فلانا أو قال لامرأته أنت طالق ثلاثا إن كلمت فلانا ثم طلقها واحدة بائنة وانقضت عدتها ثم كلمت فلانا عندنا لا يقع الثلاث وعند ابن أبي ليلى يقع .

التالي السابق


الخدمات العلمية