الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو شهدوا يوم الثلاثين ) وقبلوا ( قبل الزوال ) [ ص: 55 ] وقد بقي ما يسع جمع الناس وصلاة العيد أو ركعة منها ( برؤية الهلال الليلة الماضية أفطرنا وصلينا العيد ) أداء لبقاء وقتها أما لو شهدوا وقبلوا وقد بقي من الوقت ما لا يسع ذلك فكما لو شهدوا بعد الزوال ويسن فعلها للمنفرد ومن تيسر حضوره معه حيث بقي من الوقت ما يسع ركعة ثم مع الناس ( وإن شهدوا بعد الغروب لم تقبل الشهادة ) بالنسبة لصلاة العيد إذ لا فائدة لها فيها إلا منع أدائها من الغد ولما في الخبر الصحيح { الفطر يوم يفطر الناس ، والأضحى يوم يضحي الناس وعرفة يوم يعرف الناس } فيصلي من الغد أداء بل بالنسبة لغيرها كأجل وطلاق وعتق علقت بشوال أو الفطر أو النحر ونازع في ذلك ابن الرفعة بما ردوه عليه [ ص: 56 ] ( أو ) شهدوا وقبلوا ( بين الزوال والغروب أفطرنا ) وجوبا ( وفاتت الصلاة ) أي أداؤها لخروج وقتها بالزوال وبما قررت به كلامه علم أن العبرة بوقت التعديل لا بوقت الشهادة ( ويشرع قضاؤها متى شاء ) مريده ( في الأظهر ) كسائر الرواتب وهو في باقي اليوم أولى ما لم يعسر جمع الناس فتأخيره للغد أولى هذا بالنسبة لصلاة الإمام بالناس أما كل على حدته فالأفضل له تعجيل القضاء مطلقا وهذا ، وإن علم من قوله في صلاة النفل ولو فات النفل المؤقت ندب قضاؤه في الأظهر لكن ذكره هنا إيضاحا وتفريعا على الفوات الذي حكى مقابله بقوله ( وقيل في قول ) لا تفوت بل ( تصلى من الغد أداء ) لكثرة الغلط في الأهلة فلا يفوت به هذا الشعار العظيم .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : حيث بقي من الوقت ما يسع ركعة ) الذي في شرح الروض وينبغي فيما لو بقي من وقتها ما يسعها أو ركعة منها دون الاجتماع أن يصليها وحده أو بمن تيسر حضوره لتقع أداء ثم يصليها مع الناس ثم رأيت الزركشي ذكر نحوه عن نص الشافعي ا هـ وقد يستشكل بأن صلاتها مع الناس إعادة لها خارج الوقت مع أن الوقت شرط للإعادة كما تقدم في محله اللهم إلا أن يستثنى هذا العذر مع ندرته ثم رأيت في شرح مر ولعله مستثنى من قولهم محل إعادة الصلاة حيث بقي وقتها إذ العيد غير متكرر في اليوم والليلة فسومح فيه بذلك ا هـ

                                                                                                                              وعلى هذا فلو صلاها قضاء فرادى أو جماعة لفواتها ثم رأى جماعة أخرى يقضونها فهل يسن إعادة القضاء معهم فيه نظر ( قوله : بل بالنسبة لغيرها ) يدخل في الغير صوم الغد فيجوز صومه تطوعا مثلا لكن قضية الخبر المذكور خلافه وعبارته في شرح العباب أما في حق غيرها أي الصلاة سواء حق الله تعالى وحق الآدمي خلافا لمن نازع فيه كاحتساب العدة وحلول الأجل ووقوع المعلق به فتسمع اتفاقا كما في المجموع وغيره ، وإن لم يكن ثم مدع كما اقتضاه كلامهم واستشكال ابن الرفعة له بأن اشتغاله بسماعها ولا فائدة لها في الحال عبث رده الإسنوي والأذرعي بأن الحاكم منصوب للمصالح ما وقع وما سيقع وقل أن يخلو هلال عن حق الله أو عباده ، فإذا سمعها حسبة ، وإن لم يكن عند الأداء مطالب بذلك ليترتب عليه حكمه عند الحاجة إن دعت إليه كان محسنا لا عابثا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله في المتن [ ص: 56 ] أو بين الزوال والغروب إلخ ) عبارة الروض وشرحه أو بعد الزوال أو قبله بزمن لا يسع ركعة مع الاجتماع قبلت شهادتهما وفاتت صلاة العيد وينبغي فيما لو بقي من وقتها ما يسعها أو ركعة منها دون الاجتماع أن يصليها وحده أو بمن تيسر حضوره لتقع أداء إلخ ا هـ وقضية قوله وفاتت صلاة العيد بالنسبة لقوله أو قبله إلخ مع قوله وينبغي إلخ أنه إذا شهدوا قبل الزوال بزمن لا يسع ركعة مع الاجتماع يحكم بفواتها بالنسبة لصلاة الإمام بالقوم ولا يحكم بفواتها بالنسبة للآحاد وقد يستشكل فليتأمل

                                                                                                                              ( قوله : علم أن العبرة بوقت التعديل إلخ ) يتأمل والله أعلم .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( ولو شهدوا إلخ ) أي أو شهدا نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : وقبلوا ) إلى الباب [ ص: 55 ] في النهاية والمغني .

                                                                                                                              ( قوله : وقد بقي إلخ ) كان حقه أن يؤخر ويكتب بعد قوله أداء مع إبدال وقد بإذا كما صنع المغني والنهاية قول المتن ( برؤية الهلال ) أي هلال شوال ( وقوله : أفطرنا ) أي وجوبا ( قوله : وصلينا إلخ ) أي ندبا نهاية ومغني ( قوله فكما لو شهدوا إلخ ) أي الآتي في المتن آنفا .

                                                                                                                              ( قوله : ويسن فعلها إلخ ) الذي في شرح الروض وينبغي فيما لو بقي من وقتها ما يسعها أو ركعة دون الاجتماع أن يصليها وحده أو بمن تيسر حضوره لتقع أداء ثم يصليها مع الناس ثم رأيت الزركشي ذكر نحوه عن نص الشافعي انتهى ولعله مستثنى من قولهم محل إعادة الصلاة حيث بقي وقتها إذ العيد غير متكرر في اليوم والليلة فسومح فيه بذلك نهاية وسم قول المتن ( ، وإن شهدوا ) أي أو شهدا ( بعد الغروب ) أي غروب الشمس يوم الثلاثين برؤية هلال شوال الليلة الماضية نهاية ومغني قول المتن ( بعد الغروب ) أي أو قبله وعدلوا بعده نهاية ومغني ( قوله : بالنسبة لصلاة العيد ) قضيته أنه لا يجوز فعلها ليلا لا منفردا ولا في جماعة ولو قيل بجواز فعلها ليلا لا سيما في حق من لم يرد فعلها مع الناس لم يبعد بل هو الظاهر ثم رأيت سم على المنهج استشكل تأخيرها من أصله قال ثم رأيت الإسنوي استشكل ذلك ونقل كلامه فليراجع ع ش عبارة البجيرمي واستشكله الإسنوي بما حاصله أن قضاءها ممكن ليلا وهو أقرب وأحوط وأيضا فالقضاء هو مقتضى شهادة البينة الصادقة فكيف يترك العمل بها وتنوى من الغد أداء مع علمنا بالقضاء لا سيما عند بلوغ المخبرين عدد التواتر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إذ لا فائدة له إلخ ) أي ؛ لأن شوالا قد دخل يقينا وصوم ثلاثين قد تم فلا فائدة لشهادتهم إلا المنع من صلاة العيد نهاية ومغني ( قوله : فتصلى من الغد أداء ) قال الشوبري الظاهر ولو للرائي فليراجع كردي على بافضل ( قوله : بل بالنسبة لغيرها ) يدخل في الغير صوم الغد فيجوز صومه تطوعا مثلا لكن قضية الخبر المذكور خلافه وعبارته في شرح العباب أما في حق غيرها أي الصلاة سواء حق الله تعالى وحق الآدمي خلافا لمن نازع فيه كاحتساب العدة وحلول الأجل ووقوع المعلق به فتسمع اتفاقا كما في المجموع وغيره ، وإن لم يكن ثم مدع كما اقتضاه كلامهم واستشكال ابن الرفعة له بأن اشتغاله بسماعها ولا فائدة لها في الحال عبث رده الإسنوي والأذرعي بأن الحاكم منصوب للمصالح ما وقع وما سيقع وقل أن يخلو هلال عن حق الله تعالى أو عباده ، فإذا سمعها حسبة ، وإن لم يكن عند الأداء مطالب بذلك ليترتب عليه حكمه عند الحاجة إن دعت إليه كان محسنا لا عابثا انتهى ا هـ سم ( قوله : كأجل إلخ ) قال عميرة زاد الإسنوي وجواز التضحية ووجوب إخراج زكاة الفطر قبل الغد انتهى أقول والظاهر جواز صومه في عيد الفطر سم على المنهج ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : في ذلك ) أي في قبول الشهادة [ ص: 56 ] بالنسبة لغير الصلاة كردي قول المتن ( أو بين الزوال والغروب إلخ ) أي أو قبل الزوال بزمن لا يسع صلاة العيد أو ركعة منها كما مر نهاية ومغني ( قوله : أن العبرة بوقت التعديل إلخ ) أي لأنه وقت جواز الحكم بشهادتهما نهاية ومغني وشرح المنهج وفي البجيرمي عليه قوله والعبرة بوقت تعديل يقتضي أنه بمجرد الشهادة لا يثبت المشهود به ولا يعول عليها بل ينتظر التعديل نعم إن ظن شيئا عول على ظنه ولا ارتباط لهذا بالشهادة فليتأمل بل هو عام سم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : هذا ) أي قوله وهو في باقي اليوم أولى ما لم يعسر إلخ ( قوله : فالأفضل له تعجيل القضاء مطلقا ) أي مع من تيسر أو منفردا ثم يفعلها غدا مع الإمام كذا يفيده كلام النهاية والمغني والأسنى خلافا لما في ع ش ( قوله : وهذا ) أي قول المصنف ويشرع قضاؤها إلخ ( قوله : وتفريعا إلخ ) عبارة النهاية والمغني وتوطئة لقوله وقيل إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : الذي حكى إلخ ) نعت للفوات ويحتمل مفعول تفريعا والموصول كناية عن الأظهر المار ( قوله : فلا يفوت به إلخ ) . ( خاتمة ) قال القمولي لم أر لأحد من أصحابنا كلاما في التهنئة بالعيد والأعوام والأشهر كما يفعله الناس لكن نقل الحافظ المنذري عن الحافظ المقدسي أنه أجاب عن ذلك بأن الناس لم يزالوا مختلفين فيه والذي أراه مباح لا سنة فيه ولا بدعة وأجاب الشهاب ابن حجر بعد اطلاعه على ذلك بأنها مشروعة واحتج له بأن البيهقي عقد لذلك بابا فقال باب ما روي في قول الناس بعضهم لبعض في العيد تقبل الله منا ومنكم وساق ما ذكره من أخبار وآثار ضعيفة لكن مجموعها يحتج به في مثل ذلك ثم قال ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة أو يندفع من نقمة بمشروعية سجود الشكر والتعزية وبما في الصحيحين عن كعب بن مالك في قصة توبته لما تخلف عن غزوة تبوك أنه لما بشر بقبول توبته ومضى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قام إليه طلحة بن عبيد الله فهنأه أي وأقره صلى الله عليه وسلم مغني ونهاية قال ع ش قوله مر تقبل الله إلخ أي ونحو ذلك مما جرت به العادة في التهنئة ومنه المصافحة ويؤخذ من قوله في يوم العيد أنها لا تطلب في أيام التشريق وما بعد يوم عيد الفطر لكن جرت عادة الناس بالتهنئة في هذه الأيام ولا مانع منه ؛ لأن المقصود منه التودد وإظهار السرور ويؤخذ من قوله يوم العيد أيضا أن وقت التهنئة يدخل بالفجر لا بليلة العيد خلافا لما في بعض الهوامش ا هـ وقد يقال لا مانع منه أيضا إذا جرت العادة بذلك لما ذكره من أن المقصود منه التودد وإظهار السرور ويؤيده ندب التكبير في ليلة العيد وعبارة شيخنا وتسن التهنئة بالعيد ونحوه من العام والشهر على المعتمد مع المصافحة إن اتحد الجنس فلا يصافح الرجل المرأة ولا عكسه ومثلها الأمرد الجميل وتسن إجابتها بنحو تقبل الله منكم أحياكم الله لأمثاله كل عام وأنتم بخير ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية