الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والجماع كالأكل ) فيما مر فيه من النسيان والإكراه والجهل ( على المذهب ) فيأتي فيه ما تقرر من أنه لا يفطر به مكره بناء على الأصح أنه يتصور الإكراه عليه وناس وإن طال وجاهل عذر ( و ) شرطه أيضا الإمساك ( عن الاستمناء ) وهو استخراج المني بغير جماع حراما كان كإخراجه بيده أو مباحا كإخراجه بيد حليلته ( فيفطر به ) واضح وكذا مشكل خرج من فرجيه إن علم وتعمد واختار ؛ لأنه أولى من مجرد الإيلاج ولو حك ذكره لعارض سوداء أو حكة فأنزل لم يفطر قال الأذرعي إلا إذا علم أنه إذا حكه ينزل وهو ظاهر إن أمكنه الصبر وإلا فلا لما مر أنه يغتفر له حينئذ في الصلاة وإن كثر ولا يفطر محتلم إجماعا ؛ لأنه مغلوب ( وكذا خروج المني ) لا المذي خلافا للمالكية ( بلمس ) ولو لذكر أو فرج قطع وبقي اسمه ( وقبلة ومضاجعة ) معها مباشرة شيء ناقض للوضوء من بدن من ضاجعه فخرج مس بدن أمرد [ ص: 410 ] نعم ينبغي القضاء كما يندب الوضوء من مسه رعاية لموجبه وذلك ؛ لأنه أنزل بمباشرة بخلاف ضم امرأة مع حائل أو ليلا فلو باشر وأعرض قبل الفجر ثم أمنى عقبه لم يفطر ولو قبلها صائما ثم فارقها ثم أنزل أفطر إن كانت الشهوة مستصحبة الذكر قائما وإلا فلا ( لا ) خروجه بنحو مس فرج بهيمة ولا بنحو المباشرة بحائل ولا بنحو ( الفكر والنظر بشهوة ) وإن كررهما واعتاد الإنزال بهما لانتفاء المباشرة فأشبه الاحتلام نعم بحث الأذرعي أنه لو أحس بانتقال المني وتهيئته للخروج بسبب استدامته النظر فاستدامه أفطر قطعا وكذا لو علم ذلك من عادته وفيه نظر بل لا يصح مع تزييفهم للقول أنه إن اعتاد الإنزال بالنظر أفطر .

                                                                                                                              وقد أطلقوا حكاية الإجماع بأن الإنزال بالفكر لا يفطر وفي المهمات عن جمع واعتمده هو وغيره يحرم تكريرها وإن لم ينزل ورده الزركشي بأن الذي في كلامهم أنه لا يحرم إلا إذا أنزل ويؤيده قبول المجموع عن الحاوي وإذا كرر النظر فأنزل أثم على أن في الإثم مع الإنزال نظرا ؛ لأنه لا مقتضى له إلا أن يقال إنه حينئذ مظنة لارتكاب نحو جماع .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن وعن الاستمناء ) عبارة المنهج واستمنائه ولو بنحو لمس بلا حائل ا هـ قال في شرحه بخلاف ما لو كان ذلك بحائل ا هـ وقضيته أن من عبث بذكره بحائل حتى أنزل لم يفطر وفيه نظر ظاهر وفي شرح الروض في باب الاعتكاف عقب قول الروض فيحرم به أي : بالاعتكاف التقبيل واللمس بشهوة فإذا أنزل معهما أفسده كالاستمناء ا هـ . ما نصه بخلاف ما إذا لم ينزل معهما أو أنزل معهما وكان بلا شهوة كما في الصوم ا هـ وفيه تصريح كما ترى بأن مجرد الإنزال عن مباشرة لا يبطل الصوم بل لا بد مع ذلك من أن يكون بالشهوة .

                                                                                                                              ( قوله وكذا مشكل خرج من فرجيه ) أي : بخلافه من أحدهما نعم لو أمنى من فرج الرجال عن مباشرة ورأى الدم ذلك اليوم من فرج النساء واستمر إلى أقل مدة الحيض بطل صومه ؛ لأنه أفطر يقينا بالإنزال أو الحيض وما مر من أن خروج المني من غير طريقه المعتاد كخروجه من طريقه المعتاد محله إذا انسد الأصلي شرح م ر .

                                                                                                                              ( قوله في المتن وكذا خروج المني بلمس وقبلة ومضاجعة ) أي : بلا حائل بخلاف ما لو كان بحائل وإن رق قوله بخلاف ما لو كان بحائل الوجه أن محل ذلك ما لم يقصد بالضم مع الحائل إخراج المني أما إذا قصد ذلك وخرج المني فهذا استمناء مبطل ، وكذا لو لمس المحرم بقصد إخراج المني فإذا خرج بطل صومه هذا هو الوجه المتعين خلافا لما يوهمه الروض وشرحه م ر كما هو قضية إطلاقهم ومثله لمس ما لا ينقض لمسه كمحرم قوله ومثله لمس ما لا ينقض لمسه هذا ليس على إطلاقه بدليل التقييد في قوله حيث فعل ذلك إلخ ودخل في قوله ما لا ينقض لمسه الشعر لكن إذا لمس البشرة من ورائه بحيث انكبس تحت العضو الماس حتى أمس بالبشرة وكان ذلك لقصد الاستمناء وخروج المني فالوجه بطلان الصوم وقد يخالف ذلك ما تقدم في اللمس بحائل رقيق إلا أن يفرق بين الشعر والحائل ؛ إذ لا يشترط في خروج المني المبطل بالمباشرة أن تكون المباشرة لنفس الذكر بدليل القبلة ونحوها م ر كما هو ظاهر فلا يفطر بلمسه وإن أنزل حيث فعل ذلك لنحو شفقة أو كرامة خرج ما لو لم يكن كذلك ومثله بدن الأمرد م ر كما اقتضاه كلام المجموع كلمس العضو المبان أي : وإن اتصل بحرارة الدم حيث لم يخف من قطعه محذور تيمم وإلا أفطر شرح م ر .

                                                                                                                              ( قوله ولو لذكر أو فرج قطع وبقي اسمه ) أفتى بذلك شيخنا الشهاب الرملي [ ص: 410 ] قوله فخرج مس بدن أمرد ) فيه نظر ( قوله نعم بحث الأذرعي إلخ ) اعتمده م ر ( قوله وكذا لو علم ذلك من عادته ) وإنما يظهر التردد إذا بدره الإنزال ولم يعلمه من عادته شرح م ر ( قوله يحرم تكريرها ) أي المذكورات يشمل المباشرة بحائل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( والجماع كالأكل ) لو أكره على الزنا فينبغي أن يفطر به تنفيرا عنه قال سم وفي شرح الروض ما يدل عليه ا هـ كذا رأيته بهامش بخط بعض الفضلاء أي لأن الإكراه على الزنا لا يبيحه بخلافه على الأكل ونحوه ثم رأيته في الشيخ عميرة ع ش وتقدم عن الحفني وسلطان والعناني خلافه ثم رأيت في الإيعاب ما يوافقهم من ترجيح عدم الإفطار بالزنا مكرها ( قوله فيما مر ) إلى قوله قال الأذرعي في المغني وإلى قوله وهو ظاهر إلخ في النهاية قول المتن ( عن الاستمناء ) أي : ولو بحائل كما هو ظاهر بصري و ع ش عبارة سم عبارة المنهج واستمناؤه ولو بنحو لمس بلا حائل ا هـ قال في شرحه بخلاف ما لو كان ذلك بحائل ا هـ وقضيته أن من عبث بذكره بحائل حتى أنزل لم يفطر وفيه نظر ظاهر ا هـ وعبارة شيخنا ، والحاصل أن الاستمناء وهو طلب خروج المني مع نزوله مفطر مطلقا ولو بحائل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله خرج من فرجيه ) أي : أو وطئ بهما مغني وعباب ( قوله من فرجيه ) أي : بخلافه من أحدهما نعم لو أمنى من فرج الرجال عن مباشرة ورأى الدم ذلك اليوم من فرج النساء واستمر إلى أقل مدة الحيض بطل صومه ؛ لأنه أفطر يقينا بالإنزال أو الحيض نهاية زاد الإيعاب فإن استمر الدم بعد ذلك أياما لم يبطل في يوم انفراده كيوم انفراد الإمناء وحيث حكمنا بفطره فلا كفارة ومثل ذلك أن يحيض بفرج النساء ويطأ بفرج الرجال فيبطل صومه بذلك ولا كفارة عليه لاحتمال أنه امرأة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لم يفطر ) أي : في الأصح ؛ لأنه تولد من مباشرة مباحة نهاية ومغني ( قوله قال الأذرعي إلخ ) معتمد و ( قوله إلا إذا علم إلخ ) أي : ظنه ظنا قويا و ( قوله وإلا فلا ) معتمد و ( قوله خلافا للمالكية ) أي : والحنابلة ع ش .

                                                                                                                              ( قوله ولو لذكر ) إلى قوله نعم في المغني إلا قوله فخرج إلى ذلك وقوله أو ليلا إلى ولو قبلها وقوله خروجه بنحو مس فرج بهيمة وإلى قوله وفيه نظر في النهاية إلا ما ذكر وقوله واعتاد الإنزال بهما .

                                                                                                                              ( قوله ولو لذكر أو فرج قطع إلخ ) أفتى بذلك شيخنا الشهاب الرملي سم نهاية ومغني ( قوله مع مباشرة شيء إلخ ) أي : بلا حائل مغني زاد النهاية بخلاف ما لو كان بحائل وإن رق كما هو [ ص: 410 ] قضية إطلاقهم ومثله لمس ما لا ينقض لمسه كمحرم كما هو ظاهر فلا يفطر بلمسه وإن أنزل حيث فعل نحو ذلك لنحو شفقة أو كرامة كما اقتضاه كلام المجموع كلمس العضو المبان أي وإن اتصل بحرارة الدم حيث لم يخف من قطعه محذور تيمم وإلا أفطر ا هـ قال سم بعد سرده قوله م ر بخلاف ما لو كان بحائل إلخ الوجه أن محل ذلك ما لم يقصد بالضم مع الحائل إخراج المني أما إذا قصد ذلك وخرج المني فهذا استمناء مبطل وكذا لو مس المحرم بقصد إخراج المني فإذا خرج بطل صومه هذا هو الوجه المتعين خلافا لما يوهمه الروض وشرحه م ر وقوله م ر ومثله لمس ما لا ينقض لمسه إلخ ومثله أيضا بدن الأمرد م ر ودخل في كلامه لمسه الشعر لكن إذا لمس البشرة من ورائه بحيث انكبس تحت العضو الماس حتى أحس بالبشرة وكان ذلك لقصد الاستمناء وخرج فالوجه بطلان الصوم وقد يخالف ذلك ما تقدم في اللمس بحائل رقيق إلا أن يفرق بين الشعر والحائل وقوله م ر حيث فعل ذلك لنحو شفقة إلخ خرج به ما لو لم يكن كذلك ا هـ كلام سم وقال ع ش قوله م ر ومثله لمس ما لا ينقض إلخ ومنه الأمرد وبه صرح حج أي : حيث أراد به الشفقة أو الكرامة وإلا أفطر أخذا مما يأتي في الشارح م ر ومنه أيضا الشعر والسن والظفر وقوله م ر كلمس العضو المبان خرج به ما زاد عليه فينبغي أن يأتي فيه ما قيل في نقض الوضوء بلمسه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله نعم ينبغي إلخ ) أي : يسن بصري ( قوله وذلك إلخ ) راجع لما في المتن ( قوله بخلاف ضم امرأة إلخ ) أي : فلا يفطر به قال سم على حج ومحله ما لم يقصد بالمضاجعة ونحوها إخراج المني فإن قصد ذلك أفطر ؛ لأنه حينئذ استمناء محرم ا هـ بالمعنى ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله أو ليلا ) عطف على قوله مع حائل ولعل عدم الفطر بالخروج بالضم ليلا إذا لم يدر أن من ضمه امرأة وإلا فإطلاقه محل وقفة ولعل لهذا أسقطه النهاية والمغني فليراجع ( قوله لم يفطر ) ظاهره وإن كانت الشهوة مستصحبة والذكر قائما وهو واضح والفرق بينه وبين ما يأتي لائج بصري وقول المتن ( لا الفكر ) وهو إعمال الخاطر في الشيء مغني .

                                                                                                                              ( قوله ولا بنحو المباشرة إلخ ) هذا مكرر مع قوله السابق بخلاف ضم امرأة مع حائل وتقدم هناك عن سم وع ش وشيخنا أن محله إذا لم يقصد به إخراج المني وإلا أفطر ( قوله وتهيئته إلخ ) عطف تفسير ع ش .

                                                                                                                              ( قوله أفطر قطعا ) معتمد ع ش ( قوله وكذا لو علم ذلك من عادته ) وإنما يظهر التردد إذا بدره الإنزال ولم يعلمه من عادته شرح م ر ا هـ سم عبارة ع ش قوله م ر وكذا لو علم ذلك إلخ معتمد وقوله م ر وإنما يظهر التردد إلخ قال سم على البهجة وينبغي أن يجري ذلك في الضم بحائل م ر انتهت .

                                                                                                                              ( قوله واعتمده هو إلخ ) وكذا اعتمده النهاية والمغني ويأتي عن سم تفصيل حسن ( قولهم يحرم تكريرها ) أي : بشهوة نهاية ومغني ( قوله تكريرها ) أي المذكورات فيشمل المباشرة بحائل سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية