الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويحرم ) على عالم بالخطبة وبالإجابة وبصراحتها وبحرمة الخطبة على الخطبة ( خطبة على خطبة من ) جازت خطبته ، وإن كرهت و ( قد صرح ) لفظا ( بإجابته ) ولو كافرا محترما للنهي الصحيح عن ذلك والتقييد بالأخ فيه للغالب ولما فيه من الإيذاء والقطيعة ويحصل التصريح بالإجابة بأن يقول له المجبر ومنه السيد في أمته غير المكاتبة والسلطان في مجنونة بالغة لا أب لها ولا جد ، أو هي والولي ولو مجبرة في غير الكفء ، أو غير المجبرة وحدها في الكفء ، أو وليها وقد أذنت في إجابته ، أو في تزويجها ولو من غير معين كزوجني ممن شئت هذا ما اقتضاه كلامهما ، وهو متجه ، وإن نازع فيه البلقيني ومن تبعه بالنص على أنه لا تكفي إجابتها وحدها ولا إجابة الولي وقد أذنت له في غير معين وكونها لا تستقل بالنكاح لا يمنع استقلالها بجواب الخطبة لما مر أنه لا تلازم بينهما ومكاتبة كتابة صحيحة مع سيدها . وكذا

                                                                                                                              مبعضة لم تجبر [ ص: 212 ] وإلا فهو ووليها أجبتك مثلا وذلك ؛ لأن القصد إجابة لا يتوقف العقد بعدها على أمر متقدم عليه وسكوت البكر غير المجبرة ملحق بالصريح وادعاء أنه لا بد هنا من نطقها ؛ لأنها لا تستحيي منه غير صحيح حكما وتعليلا كما هو واضح ورجح بعضهم في رضيتك زوجا أنه تعريض فقط وفيه نظر بل الأوجه أنه صريح كأجبتك ( إلا بإذنه ) أي الخاطب له من غير خوف ولا حياء ، أو إلا أن يترك ، أو يعرض عنه المجيب ، أو يعرض هو كأن يطول الزمن بعد إجابته حتى تشهد قرائن أحواله بإعراضه ومنه سفره البعيد المنقطع لاستثناء الإذن والترك في الخبر وقيس بهما ما ذكر ( فإن لم يجب ولم يرد ) صريحا بأن لم يذكر له واحد منهما ، أو ذكر له ما أشعر بأحدهما أو بكل منهما ( لم يحرم في الأظهر ) المقطوع به في السكوت إذ لم يبطل بها شيء مقرر وكذا إن أجيب تعريضا مطلقا ، أو تصريحا ولم يعلم الثاني بالخطبة أو علم بها ولم يعلم بالإجابة ، أو علم بها ولم يعلم كونها بالصريح ، أو علم كونها به ولم يعلم بالحرمة ، أو علم بها لكن وقع إعراض من أحد الجانبين كما مر أو حرمت الخطبة ، أو نكح من يحرم جمع المخطوبة معها ، أو طال الزمن بعد الإجابة بحيث يعد معرضا كما مر أيضا ، أو كان الأول حربيا أو مرتدا لأصل الإباحة مع سقوط حقه بنحو إذنه ، أو إعراضه والمرتد لا ينكح فلا يخطب .

                                                                                                                              وطرو ردته قبل الوطء يفسخ العقد فالخطبة أولى ومن خطب خمسا معا ، أو مرتبا لم تجز خطبة إحداهن حتى يحصل نحو إعراض ، أو يعقد على أربع ويسن خطبة أهل الفضل من الرجال فمن خطب وأجاب والخاطبة مكملة للعدد الشرعي ، أو لم يرد إلا واحدة حرم على امرأة ثانية خطبته بالشروط السابقة فإن لم يكمل العدد ولا أراد الاقتصار على واحدة فلا حرمة مطلقا لإمكان الجمع

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وكذا مبعضة ) أي هي مع السيد وقياس ما تقدم في الحرة أن يقال هي مع السيد والولي ولو مجبرة في غير الكفء أو المجبرة في الكفء أو وليها [ ص: 212 ] مع السيد إن أذنت لوليها في إجابته أو في تزويجها ( قوله وادعاء أنه لا بد هنا من نطقها إلخ ) اعتمد هذا م ر ( قوله : أو إلا أن يترك ، أو يعرض عنه المجيب إلخ ) سئل الجلال السيوطي عمن خطب امرأة ثم رغبت عنه هي ، أو وليها هل يرتفع التحريم عمن يريد خطبتها وهل الخطبة عقد شرعي وهل هو عقد جائز من الجانبين فأجاب بقوله يرتفع تحريم الخطبة على الغير بالرغبة عنه فيما يظهر ، وإن لم يتعرضوا له وإنما تعرضوا لما إذا سكتوا ، أو رغب الخاطب والظاهر أن الخطبة ليست بعقد شرعي ، وإن تخيل كونها عقدا فليس بلازم بل جائز من الجانبين قطعا انتهى وما بحثه من ارتفاع التحريم بالرغبة عنه مأخوذ من جزم الشارح بقوله ، أو يعرض المجيب ( قوله : فإن لم يكمل العدد إلخ ) ينبغي وكذا إذا كمل ، أو كان متزوجا بأربع إذا عزم على طلاق واحدة مثلا بخلاف [ ص: 213 ] ما إذا لم يعزم م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : على عالم ) إلى قوله وسكوت البكر في النهاية وإلى قوله وادعاء أنه في المغني إلا قوله ، أو وليها إلى ومكاتبته وقوله ؛ لأن القصد إلى وسكوت البكر ( قوله : على عالم بالخطبة إلخ ) هل يشترط في الحرمة أيضا العلم بجواز الخطبة السابقة ، أو يكتفي بعدم العلم بالحرمة محل تأمل وهل يشترط العلم بعين الخاطب الظاهر لا إلا أن تكون ذمية لاحتمال أنه كافر غير محترم ا هـ سيد عمر أقول ظاهر صنيع الشارح والنهاية والمغني عدم اشتراط العلم بجواز الخطبة السابقة ( قوله : وبصراحتها ) قد يغني هذا عن قوله الآتي وقد صرح لفظا بإجابته ولو أخر هذه القيود عن ذلك كما فعله المغني لسلم عن التكرار ( قوله : وإن كرهت ) أي كأن كان فاقد الأهبة وبه علة ا هـ ع ش ( قول المتن بإجابته ) أي ولو بنائبه ا هـ مغني ( قوله : عن ذلك ) أي الخطبة على الخطبة وكذا ضمير ولما فيه والتذكير فيهما بتأويل أن يخطب ، أو ما ذكر ( قوله : فيه ) أي في النهي ( قوله للغالب ) أي ؛ ولأنه أسرع امتثالا ا هـ مغني ( قوله : ولما فيه ) عطف على قوله للنهي ( قوله والسلطان ) عطف على المجبر ا هـ كردي أقول بل على السيد .

                                                                                                                              ( قوله : أو هي والولي ) عطف على المجبر وكذا قوله ، أو غير المجبرة وقوله ، أو وليها وقوله ومكاتبة ( قوله : وكونها إلخ ) جواب اعتراض ( قوله لما مر ) أي قبيل قول المتن لا تصريح ( قوله وكذا مبعضة ) أي هي مع السيد وقياس ما تقدم في الحرة أن يقال هي مع السيد والولي ولو مجبرة في غير الكفء والمجبرة مع السيد في الكفء أو وليها مع السيد إن أذنت لوليها في إجابته ، أو في تزويجها ا هـ سم ( قوله : لم تجبر ) أي كأن كانت ثيبا وكان الأولى غير مجبرة [ ص: 212 ] قوله : فهو ) أي السيد ( قوله : أجبتك مثلا ) مقول لقوله بأن يقول ا هـ رشيدي ( قوله : وذلك ) أي حصول التصريح بالقول المذكور ( قوله : ملحق بالصريح ) وفاقا للمغني وخلافا للنهاية ( قوله : لا بد هنا إلخ ) جرى عليه النهاية ( قوله : لا تستحيي منه ) أي من إجابة الخطبة فكان الأولى التأنيث ( قوله : أي الخاطب ) إلى قوله ومنه سفره في المغني وإلى قول المتن ومن استشير في النهاية .

                                                                                                                              ( قوله : أو إلا أن يترك ) بأن يصرح بعدم الأخذ فلا يتكرر مع قوله الآتي ، أو يعرض هو أي الخاطب ا هـ ع ش ( قوله : ومنه ) أي إعراض الخاطب ( قوله : المنقطع ) ويظهر أن المراد بالانقطاع انقطاع المراسلة بينه وبين المخطوبة لا انقطاع خبره بالكلية ا هـ ع ش ( قوله : لاستثناء إلخ ) تعليل لما استثناه المتن والشارح ( قوله : ما ذكر ) أي إعراض الخاطب أو المجيب ( قوله : صريحا ) إلى قول المتن ومن استشير في المغني إلا قوله ، أو كان إلى ومن خطب ( قوله : بأن لم يذكر إلخ ) بأن سكت عن التصريح للخاطب بإجابة ، أو رد والساكت غير بكر يكفي سكوتها ا هـ مغني ( قوله : المقطوع به ) أي بالقول الأظهر في السكوت أي فتعتبره بالأظهر على سبيل التغليب ( قوله إذ لم يبطل بها ) أي بالخطبة الثانية ا هـ ع ش ( قوله : مطلقا ) أي علم الثاني بما يأتي ، أو لا ( قوله : لكن وقع إعراض ) أي صريح فلا يتكرر مع قوله الآتي ، أو طال الزمن إلخ ( قوله : كما مر ) أي آنفا .

                                                                                                                              ( قوله : أو حرمت الخطبة ) كأن خطب في عدة غيره ا هـ مغني ويظهر أنه معطوف على قوله أجيب تعريضا ( قوله : كما مر أيضا ) أي غير مرة ( قوله لأصل الإباحة إلخ ) عبارة شرح المنهج إذ لا حق للأول في الأخيرة أي فيما إذا حرمت الخطبة ولسقوط حقه في التي قبلها أي فيما حصل إعراض بإذن ، أو غيره من الخاطب أو المجيب ولأصل الإباحة في البقية أي فيما إذا لم يجب الخاطب الأول ، أو أجيب تعريضا مطلقا إلى قول الشارح لكن وقع إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بنحو إذنه إلخ ) دخل في النحو رد الخاطب وإعراض المجيب ( قوله : فلا يخطب ) لعل المراد أن خطبته غير معتد بها ( قوله : فالخطبة أولى ) أي حتى لو عاد إلى الإسلام لا يعود حقه ا هـ ع ش ( قوله : ومن خطب خمسا معا إلخ ) أي وصرح له بالإجابة ا هـ مغني ( قوله : أو مرتبا ) أي مع قصد أن ينكح منهن أربعا أخذا مما قدمه فيما لو كان تحته أربع وخطب خامسة ، أو نحو أخت زوجته وقضيته الحرمة عند الإطلاق ا هـ ع ش ( قوله : خطبة أهل إلخ ) من إضافة المصدر إلى مفعوله ا هـ رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله فمن خطب ) ببناء المفعول ( قوله : أو لم يرد ) أي المخطوب وقوله واحدة أي تزوجها ( قوله بالشروط ) أي شروط حرمة الخطبة الثانية وقوله السابقة أي في قوله على عالم بالخطبة إلخ ( قوله فإن لم تكمل ) أي الخاطبة وفي بعض النسخ لم يكمل بالياء من الثلاثي وعليه فالعدد فاعله ( قوله لم تكمل ) ينبغي وكذا إذا كمل ، أو كان متزوجا بأربع إذا عزم على طلاق واحدة مثلا بخلاف ما إذا لم يعزم م ر ا هـ سم ( قوله : مطلقا ) أي وجدت الشروط السابقة ، أو لا




                                                                                                                              الخدمات العلمية