الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو كان لرجل خمس مستولدات أو أربع نسوة وأم ولد ) ولبنهن له ( فرضع طفل من كل رضعة صار ابنه في الأصح ) لأن لبن الكل منه ولا تصرن أمهاته رضاعا ( فيحرمن عليه لأنهن موطوءات أبيه ) لا لأمومتهن له لانتفاء استقلال كل بإرضاعه الخمس ( ولو كان بدل المستولدات بنات أو أخوات ) أو أم وأخت وبنت وجدة وزوجة له فرضع الطفل من كل رضعة ( فلا حرمة ) لهن عليه ( في الأصح ) وإلا لصار جد الأم أو خالا مع عدم أمومة وهو محال بخلافه فيما مر لأنه لا تلازم بين الأبوة والأمومة لثبوت الأبوة فقط فيما ذكر والأمومة فقط فيما إذا أرضعت خلية أو مرضع من زنا ( وآباء المرضعة من نسب أو رضاع أجداد للرضيع ) وفروعه فإذا كان أنثى حرم عليهم نكاحها ( وأمهاتها ) من نسب أو رضاع ( جداته ) فإذا كان ذكرا حرم عليهم نكاحه ( وأولادها من نسب أو رضاع إخوته وأخواته وإخوتها وأخواتها ) من نسب أو رضاع ( أخواله وخالاته وأبو ذي اللبن جده وأخوه عمه وكذا الباقي ) فأمهاته جدات الرضيع وأولاده إخوة الرضيع وأخواته ( واللبن لمن نسب إليه ولد نزل ) اللبن ( به ) أي بسببه ( بنكاح ) فيه دخول أو استدخال مني محترم أو بملك يمين فيه ذلك أيضا كما أفاده ما قدمه في المستولدة ( أو وطء شبهة ) لثبوت النسب بذلك والرضاع تلوه ( لا زنا ) لأنه لا حرمة له نعم يكره له نكاح من ارتضعت من لبنه أما حيث لا دخول بأن لحقه ولد بمجرد الإمكان فلا تثبت الحرمة بين الرضيع وأبي الولد كما قاله ابن القاص قال البلقيني وهو قضية كلام الأصحاب وقال غيره إن ظاهر كلام الجمهور يخالفه وخرج بقوله نزل به ما نزل قبل حملها منه ولو بعد وطئها فلا ينسب إليه ولا تثبت به أبوته كما قاله جمع متقدمون ( ولو نفاه ) [ ص: 292 ] أي الزوج الولد النازل به اللبن ( بلعان انتفى اللبن عنه ) لما تقرر أنه تابع للنسب ومن ثم لو استلحقه بعد لحقه الرضيع .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 291 ] قوله وإلا لصار ) أي ذو البنات وما بعدهن ( قوله أما حيث لا دخول ) أي ولا علم بدخول ( قوله لا دخول ) أي ولا استدخال ( قوله إن ظاهر كلام الجمهور يخالفه ) وهذا هو الأصح شرح م ر ( قوله قبل حملها منه ) مفهومه أن ما نزل بعد حملها وقبل ولادتها ينسب إليه ويوافقه قوله الآتي نزل بسبب علوق زوجته منه لكن يخالفه ما في الروضة عن المتولي وأقره مما نصه ولو نكحت امرأة لا لبن لها فحبلت ونزل لها لبن قال المتولي في ثبوت الحرمة بين الرضيع والزوج وجهان بناء على الخلاف إن جعلنا اللبن للأول لم نجعل الحمل مؤثرا ولا [ ص: 292 ] تثبت الحرمة حتى ينفصل الولد وإن جعلناه للثاني أو لهما ثبتت ا هـ وأراد بالخلاف في قوله بناء على الخلاف ما ذكره فيما قبل هذا فيما لو نكحت بعد العدة زوجا وحملت منه ولم تضع لكن دخل وقت حدوث اللبن للحمل حيث قال في ذلك وإن دخل وقت حدوث اللبن للحمل فإما أن ينقطع اللبن مدة طويلة وإما أن لا يكون كذلك بأن لم ينقطع أو انقطع مدة يسيرة ففي الحالة الأولى ثلاثة أقوال أظهرها أنه لبن الأول والثاني أنه للثاني والثالث أنه لهما وفي الحالة الثانية ثلاثة أقوال أيضا المشهور أنه للأول والثاني لهما والثالث إن زاد اللبن فلهما وإلا فللأول ا هـ لا يقال كلام الشارح هنا فيما إذا لم تنكح غيره ولا وطئت بشبهة أو ملك كما صور به قوله الآتي نزل بسبب علوق زوجته منه وما في الروضة عن المتولي فيما إذا نكحت غيره أو وطئت بشبهة لأنا نقول هذا لا يصح لأنها وإن لم تنكح غيره ولا وطئت بما ذكر لا يكون اللبن له قبل الولادة وإن حملت ولهذا قال في الروض وإن نزل لبكر لبن وتزوجت وحبلت أي من الزوج فاللبن لها لا للثاني ما لم تلد ا هـ وقوله لا للثاني قال في شرحه الأولى لا للزوج وكذا يخالفه قوله الآتي فكل مرتضع بلبنها قبل ولادتها نسيبا إلخ وقول المتن وكذا إن دخل فليتأمل ( تنبيه )

                                                                                                                              هل المراد بالولادة فيما تحصل من أن اللبن قبل الولادة للزوج الأول وبعدها للزوج الثاني تمام انفصال الولد أو يكفي ابتداء انفصاله فيه نظر وقياس أن إرضاع الولد قبل تمام انفصال لا يحرم أن المراد بها هنا تمام الانفصال حتى يكون اللبن قبل التمام للأول



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن فرضع طفل من كل إلخ ) ولو متواليا ا هـ مغني ( قوله عليه ) أي الطفل ( قوله لهن عليه ) عبارة المغني بين الرجل والطفل ا هـ ( قوله لصار جدا . . . إلخ ) أي في الصورة الأولى وقوله أو خالا أي في الصورة الثانية ( قوله فيما مر ) أي آنفا في المتن ( قوله خلية ) مراده بها من لم يسبق لها حمل أما من سبق لها حمل من غير زنا فاللبن لصاحبه وإن بانت منه وطال الزمن أو لم يكن حليلا بأن وطئ بشبهة ا هـ ع ش ( قول المتن وأولادها ) إلى قوله إخوته وأخواله قال المغني عقبه فيحرم التناكح بينه وبينهم وكذا بينه وبين أولاد الأولاد بخلاف أولاد إخوة الأخوات لأنهم أولاد أخواله وخالاته ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وأولاده إخوة الرضيع إلخ ) أي وإخوته وأخوات أعمامه وعماته ا هـ مغني ( قول المتن ولد ) أي أو سقط ا هـ مغني ( قوله اللبن ) إلى قوله واحترزت في النهاية إلا قوله فإن ماتوا إلى المتن وقوله نسبيا وقوله كما قال ( قول المتن بنكاح ) متعلق بنسب ويحتمل أنه متعلق بنزل المقيد بقوله به أو حال من ولد ( قوله أو بملك يمين ) إلى قول المتن ولا تنقطع في المغني ( قوله ذلك ) أي الدخول أو الاستدخال ( قوله بذلك ) أي النكاح وما عطف عليه ( قوله تلوه ) أي تابع له ( قول المتن لا زنا ) أي لا بوطء زنا ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله أما حيث لا دخول ) أي ولا استدخال أي لا علم بذلك ا هـ سم ( قوله كما قاله إلخ ) عبارة النهاية والمغني على ما قاله إلخ ( قوله أن ظاهر كلام الجمهور يخالفه ) وهذا هو الأصح نهاية ومغني أي فيثبت التحريم بينهما وينبغي أن محله في الظاهر إما باطنا فحيث علم أنه لم يطأها ولا استدخلت منيه فلا وجه للتحريم ا هـ ع ش ( قوله ما نزل قبل حملها منه إلخ ) كذا في غيره [ ص: 292 ] كالخطيب وشرح الروض ومفهومه أنه بعد الحمل ينسب له ولو لم تلد ويشكل عليه ما يأتي في كلام المصنف من أنها لو نكحت بعد زوج وبعد ولادتها منه لا ينسب اللبن للثاني إلا إذا ولدت منه وأنه قبل الولادة للأول وقد يجاب بأنه فيما يأتي لما نسب للأول قوي جانبه فنسب إليه حتى يوجد قاطع قوي وهو الولادة وهنا لما لم يتقدم نسبة اللبن اكتفى بمجرد الإمكان فنسب لصاحب الحمل ا هـ ع ش وهذا الجواب ظاهر وإن استشكله سم والرشيدي بما في الروض والمغني من أنه لو نزل لبكر لبن وتزوجت وحبلت من الزوج فاللبن لها لا للزوج ما لم تلد ولا أب للرضيع ا هـ وقد يجاب عنه بأن سبق نزول لبن البكر على الزواج منزل منزلة سبق ولادة على ولادة الآتي في المتن ( قوله أي الزوج إلخ ) أي مثلا عبارة المغني أي نفي من نسب إليه الولد ا هـ وعبارة المنهج مع شرحه ولو نفاه أي نفي من لحقه الولد انتفى اللبن النازل به ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن انتفى اللبن ) فلو ارتضعت به صغيرة حلت للنافي مغني وشرح المنهج لا يقال كيف حلت للنافي مع أنها بنت موطوءته لأنا نقول هذا مصور بما إذا لم يدخل بأمها وإنما لحقه الولد بمجرد الإمكان ثم نفاه باللعان زيادي




                                                                                                                              الخدمات العلمية