الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا تجب ) المؤن ( لمالك كفايته ولا ) لشخص ( مكتسبها ) لاستغنائه فإن قدر على كسب ولم يكتسب كلفه إن كان حلالا لائقا به وإلا فلا ( وتجب لفقير غير مكتسب إن كان زمنا ) ، أو أعمى ، أو مريضا ( أو صغيرا أو مجنونا ) لعجزه عن كفاية نفسه ، ومن ثم لو أطاق صغير الكسب ، أو تعلمه ، ولاق به جاز للولي أن يحمله عليه وينفق عليه منه فإن امتنع ، أو هرب لزم الولي إنفاقه ( وإلا ) يكن غير المكتسب كذلك ( فأقوال : أحسنها : تجب ) للأصل والفرع ولا يكلفان الكسب لحرمتهما ، وثانيها : لا تجب ؛ لأنه غني ( والثالث ) تجب ( لأصل ) فلا يكلف كسبا

                                                                                                                              ( لا فرع ) بل يكلف الكسب نعم لا تكلف الأم أو البنت التزوج ؛ لأن حبس النكاح لا غاية له بخلاف سائر الأكساب ، وبتزوجها تسقط نفقتها بالعقد وإن كان الزوج معسرا ما لم تفسخ لتعذر إيجاب نفقتين كذا قيل ، وفيه نظر ؛ لأن نفقتها على الزوج إنما تجب بالتمكين كما مر فكان القياس اعتباره إلا أن يقال : إنها بقدرتها عليه مفوتة لحقها وعليه فمحله في مكلفة فغيرها لا بد من التمكين وإلا لم تسقط عن الأب فيما يظهر ( قلت الثالث أظهر والله أعلم ) لتأكد حرمة الأصل ؛ ولأن تكليفه الكسب مع كبر سنه ليس من المعاشرة بالمعروف المأمور بها ، ومحل ذلك إن لم يشتغل بمال الولد ومصالحه ، وإلا وجبت نفقته جزما ، وبحث الأذرعي وجوبها لفرع كبير لم تجر عادته بالكسب ، أو شغله عنه اشتغال بالعلم أخذا مما مر في قسم الصدقات انتهى . وهو محتمل ويحتمل الفرق بأن الزكاة مواساة [ ص: 348 ] خارجة منه على كل تقدير فصرفت لهذين لأنهما من جنس من يواسي منها ، والإنفاق واجب فلا بد من تحقق إيجابه وهو في الفرع العجز لا غير كما يصرح به كلامهم وإذ ألزم كلا منهما الاكتساب لمؤن أصله فمؤن نفسه المقدمة على أصله أولى ( وهي الكفاية ) لخبر { خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } فيجب أن يعطيه كسوة وسكنى تليق بحاله ، وقوتا ، وأدما يليق بسنه كمؤنة الرضاع حولين ، ورغبته وزهادته بحيث يتمكن معه من التردد كالعادة ويدفع عنه ألم الجوع لإتمام الشبع أي : المبالغة فيه .

                                                                                                                              وأما إشباعه فواجب كما في الإبانة وغيرها وأن يخدمه ويداويه إن احتاج ، وأن يبدل ما تلف بيده ، وكذا إن أتلفه لكن الرشيد يضمنه إذا أيسر ولا نظر لمشقة تكرر الإبدال بتكرر الإتلاف لتقصيره بالدفع له إذ يمكنه أن ينفقه من غير تسليم ، وما يضطر لتسليمه كالكسوة ويمكنه أن يوكل به من يراقبه ويمنعه من إتلافها .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن : ولا مكتسبها ) أي : بالفعل وكذا قوله بعد : غير مكتسب ( قوله : كلفه إلخ ) شامل للأصل وهو مشكل مع ما يأتي من تصحيح لزوم مؤنة الأصل ، وإن قدر على الكسب ؛ لأن تكليفه الكسب ليس من المعاشرة بالمعروف المأمور بها ، ولذا عبر في المنهج بقوله : كفاية أصل وفرع لم يملكاها وعجز الفرع عن كسب يليق ، وقال في شرحه : وبما ذكر علم أنهما لو قدرا على كسب لائق بهما وجب لأصل لا فرع . ا هـ . إلا أن يكون هذا محمولا على الفرع ، أو مبنيا على طريق المحرر ويرد على الثاني أن السياق المتفق عليه بين المحرر وغيره ، واعلم أن إطلاق قوله السابق ويلزم كسوبا كسبها ، وقوله هنا قلت : الثالث : وجوب كسبها لأصل كسوب ( قوله : غير المكتسب ) أي : بالفعل ( قوله : بل يكلف الكسب ) ينبغي ولو صغيرا يقدر عليه فيؤجره الأصل وينفق عليه من أجرته كما علم مما ذكر آنفا ( قوله : نعم لا تكلف الأم ) فيه شيء ( قوله : اعتباره ) أي : التكليف ( قوله : بقدرتها عليه ) القياس فيما إذا لم يكن التمكين في الحال كما في مسألة تزويج من بتعز من هي بزبيد المذكورة بهامش فصل التمكين أن تجب نفقتها إلى مكان التمكين ففي المسألة المذكورة تجب قبل وصولها إلى تعز فليتأمل . ( قوله : ويحتمل الفرق ) ظاهره بالنسبة للصورتين وخصه م ر بالثانية ( قوله : [ ص: 348 ] في المتن وهي الكفاية ) قال في الروض : وهي أمتاع لا يجب تمليكها . ا هـ . وعبارة العباب : وما وجب له فهو له أمتاع لا يملك . ا هـ . ( قوله : فيجب أن يعطيه كسوة وسكنى إلخ ) ينبغي وجوب فرش ، وغطاء ، وأواني الأكل والشرب ، وما يتنظف به من أوساخ مضرة ، وأجرة حمام معتاد احتيج إليه لنحو إزالة الأوساخ بل لا يبعد وجوب ثمن ماء الغسل من الاحتلام ، وإن لم يجب للزوجة لظهور الفرق فليراجع .

                                                                                                                              ( تنبيه ) ينبغي أن يجب للقريب أيضا ماء الطهارة سفرا وحضرا نظير ما يأتي في الرقيق ، لكن لو دفع له ذلك فأتلفه عبثا ، أو تطهر به ، ثم أحدث عبثا قبل أن يصلي الفرض فهل يجب الإبدال ، وإن تكرر على قياس ما يأتي في الرقيق في هامش ذلك المحل ، أو لا يجب أخذا من قوله هنا ، أو يمكنه أن ينفقه من غير تسليم إلخ إذ لا يمكنه منعه من الحدث ، ويفرق على هذا بين ما هنا ، والرقيق بأنه يمكنه التخلص من الرقيق بنحو بيعه بخلاف القريب ، أو يقال : يجب هنا في مسألة الإتلاف كما في إتلاف النفقة ، والكسوة ، ولا تجب في مسألة الحدث عبثا ، والفرق أنه يمكنه دفع الإتلاف بأن يطهره بصب الماء عليه ، ولا يمكنه دفع الحدث ، وقد يقال : لا أثر لهذا الفرق ؛ لأنه لا يستقل بتطهيره من الحدث لتوقفه على نيته ، وقد يمتنع منها فليتأمل . وسكتوا عن نحو التفكه وظاهره أنه لا يجب ، وإن وجب في الزوجة فليراجع فإن وجوب المعتاد منه قريب ( قوله : وأن يبدل ما تلف إلخ ) ينبغي أن ما بتقصير أي : ما تلف بتقصير كالإتلاف ( قوله : لكن الرشيد يضمنه ) عبارة الروض لكن بإتلافه يضمنها ونقل في شرحه التقييد بالرشيد ، وعدم ضمان غيره لما ذكره الشارح عن الأذرعي ، ثم قال عنه قال : ولا يخفى أن الرشيد لو آثر بها غيره ، أو تصدق بها لا يلزم المنفق إبدالها وهو ظاهر إن كانت باقية . ا هـ . وقد يعتبر مع بقائها القدرة على تخليصها فليتأمل ، وعبارة الروض : فإن أتلفها بدل [ ص: 349 ] لكن بإتلافه يضمنها . ا هـ . وزاد في شرحه عقب أتلفها عبثا ، أو تلفت بتقصيره بعد التمكن من الانتفاع بها تسقط نفقته لكن كلامهم بخلافه .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن : ولا تجب لمالك كفايته ) أي : ولو زمنا ، أو صغيرا ، أو مجنونا ا هـ .

                                                                                                                              مغني ( قول المتن ولا مكتسبها ) أي بالفعل وكذا قوله : بعد غير مكتسب ا هـ .

                                                                                                                              سم ( قوله : كلفه ) أي حيث كان فرعا بخلاف الأصل ليوافق ما يأتي في كلام المصنف ع ش وسم ( قول المتن زمنا ) وفي المختار الزمانة آفة في الحيوانات ورجل زمن أي : مبتلى بين الزمانة ا هـ .

                                                                                                                              وعليه فذكر الأعمى وما بعده من ذكر الخاص بعد العام ا هـ . ع ش ( قول المتن ، أو مجنونا ) أي : أو سليما من ذلك كله لكنه لا يحسن كسبا ولا يقدر على تعلمه ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : فإن امتنع إلخ ) أي : في بعض الأيام ا هـ .

                                                                                                                              مغني ( قوله : غير المكتسب ) أي : بالفعل ا هـ .

                                                                                                                              سم ( قوله : كذلك ) أي : زمنا إلخ ( قوله : غني ) أي : بالقدرة على الكسب ( قوله : فلا يكلف كسبا ) أي : وإن قدر عليه ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : بل يكلف الكسب ) ينبغي ولو صغيرا يقدر عليه فيؤجره الأصل وينفق عليه من أجرته كما علم مما ذكر آنفا ا هـ .

                                                                                                                              سم أي إن كان لائقا به كما مر أيضا ( قوله : نعم لا تكلف الأم ) فيه شيئا ا هـ .

                                                                                                                              سم ولعله إشارة إلى أنه لا حاجة إلى استثنائها على طريقة المصنف ا هـ .

                                                                                                                              سيد عمر ( قوله : لا غاية له ) أي ففيه إضرار بهما مع أنه قد لا يكون لهما غرض فيه لعدم القدرة على القيام بحقوق الزوج ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : وبتزوجها تسقط إلخ ) هذا واضح إن كان الزوج حاضرا فلو كان غائبا فقد سلف أن الوجوب يتوقف على الإرسال ليحضر فتجب من وقت حضوره ، والمتجه أن تكون في تلك المدة على من كانت عليه قبل النكاح ويدل على هذا التفصيل قولهم لئلا تجمع بين النفقتين وكما في الصغيرة ، والمجنونة إذا أعسر زوجهما بها سم على المنهج ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : اعتباره ) أي : التمكين ا هـ .

                                                                                                                              سم ( قوله : إلا أن يقال : إلخ ) معتمد ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : أنها ) أي : الأم ، أو البنت ( قوله : وعليه ) أي : التمكين ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : عليه ) أي : على قوله إلا أن يقال إلخ ( قوله : فمحله ) أي محل سقوط نفقتها بمجرد العقد ( قوله : ومحل ذلك ) أي : الخلاف ( قوله : إن لم يشتغل ) أي : الأصل ، وقوله : جزما أي : لأنها تنزل حينئذ منزلة أجرته ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : لم تجر عادته بالكسب ) أي : وإن قدر على الكسب وتعلمه وإلا فلا حاجة إلى بحثه لما مر في الشارح قبيل قول المصنف وإن اختلف دينهما وعن ع ش عند قول المصنف ، أو مجنونا ( قوله : أو شغله عنه إلخ ) المعتمد الوجوب حينئذ لكن بشرط أن يستفيد من الاشتغال فائدة يعتد بها عرفا بين المشتغلين ويظهر فيمن حفظ القرآن ، ثم نسيه بعد البلوغ وكان اشتغاله بحفظه يمنعه من الكسب ، إن اشتغاله بالحفظ حينئذ كالاشتغال بالعلم إن لم يتيسر الحفظ في غير أوقات الكسب ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : وهو محتمل ) أقول بحثه في الثاني متجه بخلافه في الأول فإنه بعيد جدا [ ص: 348 ] ثم رأيت الفاضل المحشي كتب ما نصه قوله : ويحتمل الفرق إلخ ظاهره بالنسبة للصورتين وخصه م ر بالثانية ا هـ .

                                                                                                                              سيد عمر وقوله : بالثانية قضية السياق أن يقول : بالأولى فلعله من تحريف الناسخ فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله : خارجة منه ) أي : من المزكي ( قوله : كلا منهما ) أي : الفرعين المذكورين في بحث الأذرعي ( قول المتن وهي ) أي : نفقة القريب ا هـ . مغني ( قول المتن وهي الكفاية ) وهي إمتاع لا يجب تمليكها ا هـ .

                                                                                                                              روض وعبارة العباب إمتاع لا تمليك ا هـ .

                                                                                                                              سم ( قوله : لخبر خذي ) إلى قوله : ونازع كثيرون في النهاية إلا قوله : وإن لم يأذن إلى لكن يشترط ( قوله : فيجب أن يعطيه كسوة إلخ ) وينبغي وجوب فرش وغطاء وأواني الأكل ، والشرب وما يتنظف به من أوساخ مضرة وأجرة حمام معتاد احتيج إليه لنحو إزالة الأوساخ بل لا يبعد وجوب ثمن ماء الغسل من الاحتلام وإن لم يجب للزوجة لظهور الفرق فليراجع وينبغي أن يجب للقريب أيضا ماء الطهارة سفرا وحضرا نظير ما يأتي في الرقيق ا هـ .

                                                                                                                              سم ( قوله : ورغبته إلخ ) عطف على سنه ( قوله : بحيث يتمكن إلخ ) حال من قوله : وقوتا عبارة الروض ولا يكفي سد الرمق بل يعطى ما يقيمه للتردد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لإتمام الشبع ) لعله عطف على بحيث يتمكن معه إلخ أي : لا بحيث يحصل معه تمام الشبع فلا يجب هذا المقدار ( قوله : وأن يخدمه ويداويه إلخ ) هذا علم من قوله : أول الفصل حتى نحو دواء إلخ ع ش و سم ورشيدي .

                                                                                                                              ( قوله : وأن يبدل إلخ ) ولو ادعى تلف ما دفعه له فهل يصدق في ذلك ، أو لا ؟ فيه نظر والأقرب الأول حيث لم يذكر للتلف سببا ظاهرا يسهل إقامة البينة عليه ا هـ .

                                                                                                                              . ع ش ( قوله : وكذا إن أتلفه ) ينبغي أن ما تلف بتقصير كالإتلاف ا هـ .

                                                                                                                              سم ( قوله : لكن الرشيد يضمنه ) أي : دون غيره كما قاله الأذرعي ، ثم قال : ولا خفاء أن الرشيد لو آثر بها غيره ، أو تصدق بها لا يلزم المنفق إبدالها ا هـ . وهو ظاهر إن كانت باقية ا هـ .

                                                                                                                              . شرح الروض وقد يعتبر مع بقائها القدرة على تخليصها فليتأمل ا هـ .

                                                                                                                              . سم ( قوله : إذا أيسر ) أي : بعد يساره ا هـ .

                                                                                                                              . نهاية




                                                                                                                              الخدمات العلمية