الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم أي: يخونونها، وجعلت خيانة الغير خيانة لأنفسهم؛ لأن وبالها وضررها عائد عليهم، ويحتمل أنه جعلت المعصية خيانة فمعنى (يختانون أنفسهم) [ ص: 141 ] يظلمونها باكتساب المعاصي وارتكاب الآثام، وقيل: الخيانة مجاز عن المضرة، ولا بعد فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      والمراد بالموصول إما السارق أو المودع المكافر وأمثاله، وإما من عاونه، فإنه شريك في الإثم والخيانة، والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو - عليه الصلاة والسلام -المقصود بالنهي، والنهي عن الشيء يقتضي كون المنهي مرتكبا للمنهي عنه، وقد يقال: إن ذلك من قبيل لئن أشركت ليحبطن عملك ومن هنا قيل: المعنى لا تجادل أيها الإنسان.

                                                                                                                                                                                                                                      إن الله لا يحب من كان خوانا كثير الخيانة، مفرطا فيها أثيما منهمكا في الإثم، وتعليق عدم المحبة المراد منه البغض والسخط بصيغة المبالغة ليس لتخصيصه بل لبيان إفراط بني أبيرق وقومهم في الخيانة والإثم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو حيان: أتى بصيغة المبالغة فيهما؛ ليخرج منه من وقع منه الإثم والخيانة مرة، ومن صدر منه ذلك على سبيل الغفلة وعدم القصد، وليس بشيء.

                                                                                                                                                                                                                                      وإرداف الخوان بالأثيم قيل: للمبالغة، وقيل: إن الأول باعتبار السرقة أو إنكار الوديعة، والثاني باعتبار تهمة البرئ، وروي ذلك عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - وقدمت صفة الخيانة على صفة الإثم؛ لأنها سبب له، أو لأن وقوعهما كان كذلك، أو لتواخي الفواصل على ما قيل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية