الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم

                                                                                                                                                                                                                                        ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم وسبب ذلك أن المشركين يوم أحد توعدوا المؤمنين بالرجوع ، فكان من أخذته الأمنة من المؤمنين متأهبين للقتال ، وهم أبو طلحة ، وعبد الرحمن بن عوف ، والزبير بن العوام ، وغيرهم فناموا حتى أخذتهم الأمنة. وطائفة قد أهمتهم أنفسهم من الخوف وهم من المنافقين عبد الله بن أبي ابن سلول ، ومعتب بن قشير ، ومن معهما أخذهم الخوف فلم يناموا لسوء الظن. يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يعني في التكذيب بوعده. يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا فيه قولان: [ ص: 431 ]

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: إنا أخرجنا كرها ولو كان الأمر إلينا ما خرجنا ، وهذا قول الحسن . والثاني: أي ليس لنا من الظفر شيء ، كما وعدنا ، على جهة التكذيب لذلك. قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم فيه قولان: أحدهما: يعني لو تخلفتم لخرج منكم المؤمنون ولم يتخلفوا بتخلفكم. والثاني: لو تخلفتم لخرج منكم الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ، ولم ينجهم قعودهم. وليبتلي الله ما في صدوركم فيه تأويلان: أحدهما: ليعاملكم معاملة المبتلى المختبر. والثاني: معناه ليبتلي أولياء الله ما في صدوركم فأضاف الابتلاء إليه تفخيما لشأنه. إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان فيهم تأويلان: أحدهما: هم كل من ولى الدبر من المشركين بأحد وهذا قول عمر ، وقتادة ، والربيع. والثاني: أنهم من هرب إلى المدينة وقت الهزيمة ، وهذا قول السدي. إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا فيه قولان: أحدهما: أنه محبتهم للغنيمة وحرصهم على الحياة. والثاني: استذلهم بذكر خطايا سلفت لهم ، وكرهوا القتل قبل إخلاص التوبة منها والخروج من المظلمة فيها ، وهذا قول الزجاج. ولقد عفا الله عنهم فيه قولان: أحدهما: حلم عنهم إذ لم يعاجلهم بالعقوبة ، وهذا قول ابن جريج وابن زيد . والثاني: غفر لهم الخطيئة ليدل على أنهم قد أخلصوا التوبة. [ ص: 432 ]

                                                                                                                                                                                                                                        وقيل: إن الذين بقوا مع النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهزموا ثلاثة عشر رجلا ، منهم خمسة من المهاجرين: أبو بكر ، وعلي ، وطلحة ، وعبد الرحمن ، وسعد بن أبي وقاص ، والباقون من الأنصار.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية